للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المودع وكل المودع بالخصومة في ذلك، ثم أقام البينة على الوكيل الذي هو مودع قبلت بينته، وههنا وجد ما يجعل الابن الحاضر خصماً في كل الدار، لأن الدعوى في الحقيقة وقع على الميت والبينة قامت عليه، وأحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت وعن سائر الورثة فيما يدعي على الميت، بخلاف المسألة المخمسة؛ لأن هناك لم يوجد ما أوجب كونه خصماً من وجه آخر، ومن حيث كونه مودعاً لا يصبح خصماً.

فإذا قضى القاضي بالدار للمدعي ثم حضر الغائبان، فهذا على وجهين، فالأول: إذا صدقا الابن الحاضر فيما قال، وجحدا حق المدعي، وفي هذا الوجه القضاء عليهما نافذ؛ لأن الابن الحاضر انتصب خصماً عن الميت وعن باقي الورثة، فكان القضاء عيه قضاء على الكل.

الوجه الثاني: إذا كذبا الابن الحاضر، وادعيا ثلثي الدار لأنفسهما من غير ميراث الأب لم يكن القضاء نافذاً عيهما ورد عليهما الثلثان، ويقال للمدعي: أعد بينتك وإلا فلا حق لك في الثلثين وإنما كان كذلك؛ لأن أحد الورثة إنما ينتصب خصماً عن الميت وعن باقي الورثة في تركة الميت لا في مال آخر؛ ولم يثبت كون نصيب الغائبين من الدار تركة الميت، وثبت كون الحاضر مودعاً في ذلك والمودع لا يصير خصماً للمدعي إلا إذا وجد ما يوجب كونه خصماً من جهة المودع، ولم يوجد ذلك ههنا، فكانت البينة في حق الثلثين اللذين هما نصيب الغائبين قائمة على غير الخصم، فلا تكون معتبرة، هذا (إذا) كانت جميع الدار في يد الابن الحاضر، فأما إذا كان نصيب الغائبين في يدي رجل آخر وديعة، فأقر المودع بمثل ما أقر به الابن الحاضر، وصدقه المدعي في ذلك، لم يقض للمدعي بنصيب الغائبين، ويقضي له بنصيب الحاضر لأنه ثبت كون ذي اليد لنصيب الغائبين مودعاً، ولم يثبت كونه خصماً من وجه آخر فبطلت الخصومة معه، ومع الابن الحاضر لا تقبل الخصومة إلا في القدر الذي في يديه، لأن أحد الورثة إنما ينتصب خصماً عن الميت وعن باقي الورثة فيما (في) يديه؛ لأن الوارث قائم مقام الميت لو كان حياً ولو كان الميت حياً لا يكون خصماً فيما ليس في يديه، وكذا الذي قام مقامه هذا الذي ذكرنا إذا كان الثلثان في يد غير الابن الحاضر.

فأما إذا كانت جميع الدار في يد غير الابن الحاضر، فأقر الذي في يديه الدار: أن الدار وديعة للغائبين وأنها وديعة للغائبين، وأنها ميراث من الميت، وصدقه الابن الحاضر المدعي في ذلك، فالمودع ليس بخصم للمدعي، وكذلك الابن الحاضر لا يكون خصماً للمدعي، أما المودع فظاهر، وأما الابن الحاضر؛ فلأن أحد الورثة إنما ينتصب خصماً عن الميت فيما كان في يده لا فيما كان في يد غيره.

وفي كتاب الرجوع: شاهدان شهدا على شهادة شاهدين على رجل أنه أعتق عبده، ولم يقض القاضي بشهادتهما حتى حضر الأصلان وأنكرا أن يكونا أشهداهما على شيء بطلت شهادتهما؛ لأن حضره الأصول قبل اتصال القضاء بشهادة الفروع يمنع القضاء بشهادة الفروع لكون الفروع بدلاً عن الأصول، فإذا اشترى الفرعان ذلك العبد، أو اشتراه

<<  <  ج: ص:  >  >>