للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقام الابن البينة أنه ابنه، وقضى القاضي بذلك وأثبت نسبه، ثم رجعوا فإنهم لا يضمون شيئاً للأب سواء رجعوا حال حياة الأب أو بعد وفاته، لأنهم ما ألزموه مالاً إنما ألزموه النسب، والنسب ليس بمال، وكذلك لا يضمنون لسائر الورثة ما ورثه الابن المشهود له لأن استحقاق الميراث مضاف إلى موت الأب لا إلى النسب الذي ثبت بشهادتهما، وهذا لأن استحقاق الميراث وإن كان لابد له من الموت والنسب إلا أن الموت آخرهما وجوداً فيضاف الاستحقاق إليه.

وكذلك إذا ادعى رجل ولا رجل وقال: إني أعتقتك، والمعتق يجحد فأقام المدعي البينة على دعواه ثم رجعوا لا يضمنون شيئاً سواء رجعوا حال حياة المعتق أو بعد وفاته؛ لأن استحقاق الميراث مضاف الى الموت الذي هو آخرهما وجوداً لا إلى الولاء الذي ثبت بشهادتهما، ولو شهد الرجل أنه ابن هذا القتيل ووارثه لا وارث له غيره، والقاتل مقر أنه قتله عمداً، وقضى القاضي للمشهود له بالقصاص فقتله المشهود له، ثم رجعوا عن شهادتهم، فإنهم لا يضمنون للقصاص شيئاً؛ لأن القصاص ليس بمال ولكن يضمنون كل ما ورثه هذا الابن المشهود له من القتيل لورثته المعروفين؛ لأن استحقاق الميراث ههنا مضاف إلى النسب الذي ثبت بشهادتهما، لا إلى الموت؛ لأن النسب آخرهما، وقد أقروا بالرجوع أنهم أتلفوا على ورثة المعروفين، فلهذا ضمنوا بخلاف المسألة الأولى، وعلى هذا إذا شهدوا بالولاء بعد موت المعتق، ثم رجعوا عن شهادتهما فإنهم يضمنون جميع ما ورثه المعتق لورثته المعروفين؛ لأن استحقاق الميراث في هذه الصورة مضاف إلى الولاء.

وعلى هذا إذا شهدوا بنكاح امرأة ومات الزوج بعد قضاء القاضي بالنكاح، ثم رجعوا عن شهادتهم وكان الرجوع (١٦٤أ٤) منهم حال حياة الزوج فلا ضمان عليهم، ولو شهدوا بالنكاح بعد موت الزوج، ثم رجعوا ضمنوا حصتها من الميراث لسائر الورثة، والمعنى ما ذكرنا.

ولو شهدوا لرجل مسلم كان أبوه كافراً أن أباه قد أسلم بعد موته؛ وللميت ابن كافر، وقضى القاضي بالميراث كله للابن المسلم، ثم رجعوا عن شهادتهم فإنهم يضمنون للابن الكافر جميع ما ورثه الابن المسلم، لأن استحقاق الابن المسلم الميراث على الابن الكافر مضاف إلى ما ثبت بشهادة الشهود، وهو إسلام الأب، لأنهم شهدوا بعد موت الأب.

وإذا أسلم كافر ثم مات وله ابنان مسلمان كل واحد منهما يدعي أنه أسلم قبل موته؛ وأقام على ذلك شهوداً، وقضى القاضي بينهما بالميراث، ثم رجع شهود أحد الابنين فإنهم يضمنون جميع ما ورث هذا الابن للابن الآخر، لأن استحقاق الميراث في حق هذا الابن مضاف إلى ما ثبت بشهادة شهوده وهو إسلامه قبل موت الأب ثبت بشهادة شهوده.

قال: صبي في يدي رجل لا يعرف أنه حر أو عبد، شهد شاهدان على إقرار

<<  <  ج: ص:  >  >>