الأكبر ودفعه إلى الأصغر، ثم رجع الشهود جميعاً عن الشهادة فالثلث سالم للأصغر، ولا ضمان للوارث على أحد من الشهود؛ لأن من حجة كل فريق أن يقول للوارث: لولا شهادتنا لكان الثلث مستحقاً عليك بشهادة الفريقين الآخرين، ويضمن شاهدا الأصغر للأوسط جميع الثلث؛ لأنه لولا شهادتهما لكان جميع الثلث مستحقاً للأوسط؛ لأنه ثبته بشهادة شهوده وصيته، والرجوع عن الوصية للأكبر ويضمن شاهدا الأوسط للأكبر نصف الثلث؛ لأنه لولا شهادتنا لكان الثلث بين الأكبر والأصغر نصفين، لأن شهود الأصغر ما أثبتوا رجوع الميت (١٧٠ب٤) عن الوصية للأكبر، إنما أثبت ذلك شهود الأوسط فحصل التلف على الأكبر بشهادة شهود الأوسط، إلا أن شهود الأوسط يضمنون نصف الثلث لا جميع الثلث؛ لأن نصف الثلث مستحق بشهادة شهود الأصغر بالوصية للأصغر فلا يضمنان ذلك، فأما النصف الآخر صار مستحقاً على الأكبر بشهادة شهود الأوسط لا غير، فيضمنون ذلك النصف، ولا يضمن شاهدا الأكبر شيئاً؛ لأنهما ما شهدا على الأوسط، والأصغر إنما شهدا على الوارث، وقد ذكرنا أنهما لا يضمنان للوارث ولو لم يرجعا، ولكن وجد أحد شاهدي الأوسط عبداً فالثلث بين الأكبر والأوسط نصفان.
لأن شهود الأكبر أثبتوا الوصية للأكبر، وشهود الأصغر أثبتوا الوصية للأصغر ولم يثبتوا الرجوع عن الوصية للأكبرو والأوسط خرج من البين، فيكون الثلث بين الأكبر والأصغر نصفان، قال: ولو ترك الميت ثلاثة أعبد قيمتهم على السواء، لا مال له غيرهم، شهد شاهدان أن الميت أوصى بهذا العبد الأكبر وقضى القاضي به؛ وشهد آخران أن الميت رجع عن الوصية الأولى وأوصى بهذا العبد الأوسط لفلان الأوسط، فقضى القاضي بشهادتهم وردت الوصية الأولى؛ وشهد آخران أن الميت رجع عن الوصية الثانية ثم رجعوا جميعاً عن الشهادة، لا ضمان على أحد منهم للوارث.
أما على الفريق الأول: فلأن ما أتلفوا على الوارث بشهادتهم عاد إلى ملك الوارث بشهادة الفريق الثالث، فارتفع ذلك الإتلاف أيضاً، ولأن الفريق الثاني وإن أتلفوا على الوارث بشهادتهم العبد الأوسط، إلا أنهم عوضوا عنه للوارث العبد الأكبر، والإتلاف بعوض لا يوجب الضمان على الشاهد عند الرجوع، وأما الفريق الثالث: فلأنهم وإن أتلفوا على الوارث العبد الأصغر بشهادتهم إلا أنهم أتلفوا بعوض، وهو العبد الأوسط ولا ضمان على شهود الأكبر لواحد من الموصى لهم، ويضمن شاهدا الأوسط للأكبر نصف قيمة العبد الأكبر، وشاهدا الأصغر يضمنان للأوسط جميع قيمة الأوسط، ولو شهدا للأكبر أن الميت أوصى له بثلث ماله، فلم تظهر عدالتهما حتى شهد آخران أن الميت أوصى بثلث ماله لهذا الأوسط ورجع عن وصيته للأكبر، فلم يظهر عدالتهما أيضاً حتى شهد آخران أن الميت أوصى بثلث ماله لهذا الأصغر ورجع عن وصيته للأوسط، فعدل الشهود جميعاً، أو كانت الوصايا بالعبيد الثلاثة على ما بينا، قضى القاضي للأصغر بالثلث إن كانت الوصية بالثلث، وبالعبد الذي شهد له شهوده إن كانت الوصية بالعبد، ولا يقضي بالوصية للأكبر ولا للأوسط؛ لأنه قارن القضاء بها وهو قيام البينة العادلة على