الصورة، فصار ذكره والعدم بمنزلة، أو يقول كل واحد منهما يثبت الملك لمورثه، ثم يثبت الانتقال من مورثه، ولا تاريخ في ملك المورثين، فكأنهما حضرا وادعيا الملك لأنفسهما مطلقاً، وهناك يقضى بينهما كذا ههنا، وما ذكر شيخ الإسلام من قول أبي يوسف مستقيم على قوله الآخر؛ لأن على قوله الآخر للتاريخ عبرة، فيكون المؤرخ أولى، أما لا يستقيم على قوله الأول؛ لأن على قوله الأول لا عبرة للتاريخ يقضي بينهما كما رواه بشر رحمه الله.
وما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله من قول محمد رحمه الله: أنه يقضي لغير المؤرخ مستقيم على قوله الأول: للتاريخ عبرة وغير المؤرخ أسبقهما تاريخاً يعني؛ لأنه يدعي الملك المطلق بطريق إطلاقه عن الميت، ودعوى الملك المطلق دعوى الملك من الأصل، وما ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: أنه يقضى بينهما بالاتفاق أراد به الاتفاق بين أبي حنيفة آخراً: لا عبرة للتاريخ حالة الانفراد في هذه الصورة، فصار ذكره كلا ذكر، وعلى قول محمد: التاريخ في ملك الوارثين لا في ملك المورثين، وكل واحد من الوارثين يثبت الملك لمورثه أولاً ثم يثبت الانتقال من مورثه إلى نفسه، فكأن المورثين حضرا وادعيا لأنفسهما ملكاً مطلقاً، وهناك يقضي بالدار بينهما فههنا كذلك وإذا ادعيا الشراء من اثنين والدار في يد الثالث، فإن لم يؤرّخا أو أرّخا وتاريخهما على السواء، قضي بالدار بينهما، وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الميراث، وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فهو على ما ذكرنا من الميراث أيضاً.
صورة ما إذا ادعى الخارجان تلقي الملك من جهة واحد:
دار في يدي رجل ادعاها رجلان، كل واحد منهما يدعي أنه اشتراها من صاحب اليد بكذا، فإن أرخا وتاريخهما على السواء أو لم يؤرخا، فالدار بينهما نصفان؛ لأنهما استويا في الدعوى والحجة ويخير كل واحد منهما؛ لأن كل واحد منهما أثبت شراء جميع الدار لنفسه، ولم يسلم لكل واحد منهما إلا النصف، فيخير كل واحد منهما، إن شاء أخذ نصفها بنصف الثمن الذي سماه شهوده، وإن شاء ترك، فإن رضي أحدهما وأبى الآخر، وذلك بعدما خيرهما القاضي وقضى لكل واحد منهما بالنصف، فقد فسخ بيع كل واحد منهما في النصف، فلا يعود بيع أحدهما بعد ذلك بترك صاحبه المزاحمة معه، قال: إلا أن يكون ترك المنازعة قبل أن يقضي القاضي بشيء فحينئذ تكون الدار للآخر بجميع الثمن، وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق، فالسابق أولى؛ لأنه أثبت شراءه في وقت لا ينازعه فيه أحد، فثبت شراءه من ذلك الوقت، وتبين أن الآخر اشتراها من غير المالك، وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر فالمؤرخ أولى، قيل: إنما جعلنا المؤرخ أولى تعليلاً لنقض ما هو ثابت.
بيانه: أنا متى جعلنا المؤرخ أولى فقد نقضنا شراء الآخر لا غير؛ لأنه لم تثبت بينته إلا الشراء، ومتى قضينا للذي لا تاريخ له، لقضينا على صاحب التاريخ شراءه، وتاريخه بعدما ثبت الأمران بالبينة، وتعليل نقض ما هو ثابت أولى من تكثيره. وقيل: إنما جعلنا