للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند محمد رحمه الله: ترك القراءة في الشفع الأول في الركعتين أو في إحداهما رفع التحريمة وقطعها فلا يصح بناء الشفع الثاني على الشفع الثاني، ولا يلزمه قضاؤه، وعلى قول أبي حنيفة: ترك القراءة في الشفع الأول في الركعتين يقطع التحريمة كما هو قول محمد باتفاق الروايات، فلا يصح الشروع في الشفع الثاني عنده ولا يلزمه قضاؤه، واختلفت الروايات عنه في ترك القراءة في الشفع الأول في إحدى الركعتين روى محمد عنه أنه لا يقطع التحريمة كما هو مذهب أبي يوسف، فيصح الشروع في الشفع الثاني، ويلزمه قضاء الأربع كذا ذكر في كتاب الصلاة.

وفي «الجامع الصغير» : وروى بشر بن الوليد وعلي بن جعفر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يقطع التحريمة، فلا يصح الشروع في الشفع الثاني ولا يلزمه قضاؤه، قال مشايخنا في المسألة قياس، واستحسان، فرواية محمد عنه استحسان ورواية أبي يوسف عنه قياس وجه قول محمد: إن كل شفع من التطوع صلاة على حده، به ورد الحديث قال عليه السلام: «صلاة الليل مثنى» ، وأراد به التطوع كانت القراءة في الركعتين فرضاً كما في صلاة الفجر، فإذا ترك القراءة في أحدهما فقد فات الفرض على وجه لا يمكن إصلاحه كما لو ترك القراءة في إحدى ركعتي الفجر فيفسد الأداء، وإذا فسد الأداء فسدت التحريمة؛ لأن التحريمة للأداء ومتى (٦٩ب١) فسدت التحريمة لم يصح بناء الآخرين عليها، فلم يلزمه قضاؤها إن ترك القراءة فيهما أو في إحداهما.

حجة أبي يوسف: أن فساد الأداء لا يكون....... من عدم الأداء، وعدم الأداء لا يفسد التحريمة ففساد الأداء أن لا تفسد التحريمة إذ بالفساد لا تنعدم إلا صفة الجواز والفقه: أن التحريمة شرط للأداء، فلا تفسد بفساد الأداء، وإذا لم تفسد بفساد الأداء صح بناء الآخرين على التحريمة.

حجة أبي حنيفة فيما إذا ترك القراءة في الأوليين ما قلنا لمحمد، وإن ترك القراءة في إحدى الأوليين، وجه القياس على قول أبي حنيفة ما قلنا لمحمد رحمه الله والاستحسان على قوله وجهان:

أحدهما: أن التحريمة شرط الأدء، قال أبو يوسف: إلا أنه مشروعة للأداء لا تقبل الفصل عن الأداء والأداء ثم بركعة واحدة؛ لأن أركان الصلاة كلها تتم بركعة واحدة فإذا قرأ في الركعة الأولى فقد وجد فعل الأداء صحيحاً فاستحكمت التحريمة، وانتهت في الصحة بها بناء فلم تفسد بترك القراءة في الركعة الثانية، وإذا لم تفسد صح بناء الآخرين عليها بخلاف ما إذا ترك القراءة في الأوليين؛ لأن التحريمة وإن صحت في الابتداء فما صحت إلا للأداء على سبيل التمام ولم يوجد ففسد الأداء لفوات بعضه ففسدت التحريمة التي يراد منها الأداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>