الشراء فظاهر؛ لأنه من غير تاريخ الشراء هو أولى أيهما كان، أما إذا كان المؤرخ يدعي الشراء فظاهر؛ لأنه من غير تاريخ الشراء هو أولى فمع تاريخ الشراء أولى أن يكون أولى، وأما إذا كان المؤرخ يدعي الهبة، فلأن الشراء متأخر معنى؛ لأن الشراء حادث، والأصل أن يحال بحدوثه على أقرب الأوقات بعين ما هو ثابت بيقين من حيث العيان، والحكم بإحالة الشراء على أقرب الأوقات، وههنا لا يتضمن ذلك، فجعلنا الشراء المطلق حادثاً للحال، وهو معنى قولنا الشراء متأخر معنى، فيعتبر بما لو كان متأخراً حقيقة، وهناك يقضى لمدعي الهبة كذا ههنا، ولو أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فهو أولى، وإن كان العين في يد أحدهما فهو أولى، إلا أن يؤرخا وتاريخ الخارج أسبق فحينئذٍ يقضي للخارج. وإن كان العين في أيديهما، فهو بينهما إلا أن يؤرخا وتاريخ أحدهما أسبق، فحينئذٍ يقضي لأسبقهما تاريخاً، والجواب في الصدقة لا تفيد الملك قبل القبض، ويفيد الملك بغير عوض كالهبة.
وإذا اجتمعت الهبتان مع القبض فالجواب فيه كالجواب فيما إذا اجتمع الشاءان وإذا اجتمعت بينة مع القبض والصدقة مع القبض، فالجواب فيه كالجواب فيما إذا اجتمع الشراءان، وستأتي هذه المسألة في أخر الباب إن شاء الله تعالى، وكان ينبغي أن تكون الصدقة أولى؛ لأن الصدقة توجب ملكاً لازماً، والهبة ملكاً غير لازم، ونقض ما ليس بلازم وفيه تعليل النقض أولى والجواب: أن الهبة إن كانت من ذوي رحم محرم، فهي لازمة كالصدقة، وإن كانت من أجنبي إن لم تكن لازمة ففيها عوض مشروط عرفاً، ولهذا يثبت للواهب حق الرجوع ما لم يعوض عنها، ففي نقض الصدقة إن كان نقض اللزوم، ففي نقض الهبة نقض العوض من وجه فاستويا.
وإذا اجتمع الشراء والرهن فالشراء أولى؛ لأن الشراء أقوى؛ لأنه يفيد الملك بنفسه والرهن لا يفيد الملك في الحال، وإذا اجتمع الرهن والهبة أو الصدقة فالرهن أولى استحساناً؛ لأن الرهن يتعلق به الضمان فكان قبضه مضموناً، وقبض الهبة والصدقة ليس بمضمون، وإذا اجتمع النكاح والهبة أو الرهن أو الصدقة فالنكاح أولى؛ لأن النكاح عقد معاوضة يفيد الملك بنفسه كالشراء، ولو اجتمع الشراء مع كل واحد من هذه الأشياء كان الشراء أولى فهاهنا كذلك.
وإذا اجتمع الشراء والنكاح فعلى قول محمد: الشراء أولى إذا لم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما على سواء؛ لأن الشراء مبادلة مال بمال يوجب الضمان في العوضين، والنكاح مبادلة مال بما ليس بمال لا يوجب الضمان في المنكوحة فكان الشراء أقوى من هذا الوجه.
المحيط البرهانى
وعلى قول أبي يوسف: إذا لم يؤرخا، أو أرخا وتاريخهما على السواء يقضى بينهما نصفان، وصار الجواب فيه كالجواب فيما اذا اجتمع الشراءان، وهذا لأن الشراء مع النكاح يستويان من حيث أن كل واحد منهما يفيد الملك بنفسه، وللنكاح قوة من وجه من حيث الملك في الصداق ثبت بنفس العقد متأكداً حتى لا يبطل بالهلاك قبل التسليم،