يلزم الموكل؛ لأنه مختار في الإقرار؛ لأنه يمكنه أن يسكت حتى يعرض عليه اليمين فينكل فينقضي عليه بنكوله، فإن قال المشتري بعدما أقر أو نكل: أنا أقيم البينة على أن الجارية ملك المستحق يريد به الرجوع بالثمن على البائع لا تسمع بينته وإنما لا لوجوه ثلاثة:
أحدها: أن البينة إنما تسمع إذا ترتبت على دعوى صحيحة والدعوى هنا لم تصح لمكان التناقض؛ لأنه حصل مقراً أن الملك للبائع مقتضى إقدامه على الشراء ولم يصر مكذباً فيما أقر فيصير بدعواه أنها ملك المستحق متناقضاً.
والثاني: أن هذه البينة قامت على إثبات ما هو ثابت، وهو ملك المستحق، فإن ملك المستحق ثابت بإقراره أو بنكوله وإثبات الثابت لغو.
والثالث: أنها قامت من غير خصم؛ لأن المشتري ليس بخصم عن المستحق في إثبات الملك له؛ لأن المستحق لا يصلح خصماً في ذلك بنفسه، وذكر في البيوع من «الإملاء» عن أبي يوسف: أن بينة المشتري للمستحق إنما لا تقبل حال غيبته؛ لأنه ليس بوكيل عنه حتى لو حضر المستحق وصدقه المشتري قبل بينة المشتري ويرجع بالثمن على البائع؛ لأن البينة قامت على إثبات الملك في حق البائع لم يكن ثابتاً؛ والبينة إذا قامت على إثبات ما ليس بثابت وجب قبولها، ولو أقام المشتري البينة على إقرار البائع أنها ملك المستحق قبلت بينته.
أما على المعنى الأول: لأنه لم يسبق بينة ما يجعله متناقضاً في دعوى إقرار البائع أنها ملك المستحق، وأما على المعنى الثاني: فلأنه بهذه البينة يثبت إقرار البائع أنها ملك المستحق وإقرار البائع لم يكن ثابتاً، فهذه بينة قامت على إثبات ما ليس بثابت فقبلت، وأما على المعنى الثالث: فلأنه بهذه البينة يثبت إقراره ليرجع عليه بالثمن، وهو خصم في ذلك هكذا ذكر المسألة ههنا.
قالوا وذكر في «الجامع الصغير» : أن بينة المشتري على إقرار البائع أنها ملك المستحق لا تقبل، وليس في المسألة اختلاف الروايتين وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع.
موضوع ما ذكر في «الجامع الصغير» : أنه أقام البينة على إقرار البائع بذلك قبلت البيع، ولو كان هكذا لا تقبل بينته؛ لأن إقدامه على الشراء ينفي إقرار البائع قبل البيع أنها للمستحق فيصير متناقضاً، والتناقض لا يصح دعواه ولا تسمع بينته.
وموضوع ما ذكر في «الزيادات» أنه أقام البينة على إقرار البائع بعد البيع، وإذا كان هكذا تقبل بينته؛ لأن إقدامه على الشراء ليس ينفي إقرار البائع بعد البيع أنها للمستحق، فلا يصير متناقضاً فيقبل بينته، وإذ لم يكن للمشتري بينة يعني على إقرار البائع أن الجارية ملك المستحق، فقال القاضي: سأل البائع عن الجارية أهي ملك المستحق أم لا؟ سأل القاضي وهذا لأن المشتري يزعم أنه مظلوم من جهة البائع، وأن له حق الرجوع بالثمن عليه بإقراره، فسأله القاضي إزالة الظلم عنه، فإن أقر لزمه الثمن لإقراره بحق الرجوع