عليه، وإن أنكر فطلب من القاضي أن يحلفه أجابه إلى ذلك لأن الاستحلاف ههنا يفيد، فإنه لو استحلف ربما ينكل فيصير مقراً.
ولو لم يستحق الجارية أحد، ولكن ادعت أنها حرة الأصل، فأقر المشتري بذلك، أو أبى اليمين، وقضى القاضي بحريتها لا يرجع بالثمن على البائع، أما إذا أقر فلأنه حجة قاصرة، وأما إذا نكل فإن نكوله بمنزلة الإقرار من مشايخنا قال: قوله: أو أبى اليمين، غلط من الكاتب؛ لأن أبا حنيفة لا يرى الاستحلاف في الرق، والدعوى ههنا دعوى الرق؛ لأنها تزعم أنها حرة الأصل وهما وإن كانا يريان الاستحلاف في دعوى الرق لكن في هذه الدعوى اليمين عليها لأنها تنكر للرق، فلا معنى لقوله في «الكتاب» : وأبى المشتري اليمينز
ومنهم من قال: لا بل ما ذكر صحيح؛ لأنه تقدم منها ما هو نظير الإقرار بالرق، فإن موضوع المسألة فيما إذا بيعت وسلمت وانقادت لذلك فلا يقبل قولها في دعوى الحرية بعد ذلك، فإن قبول قولها باعتبار شهادة الظاهر، وفي هذه الصورة الظاهر لا يشهد لها، وكان دعواها الحرية ههنا بمنزلة دعوى العتاق العارضي ولو ادعت عتقاً عارضياً على المشتري أليس أنه يحلف عندهما؟ فههنا كذلك، فإن حضر البائع وأنكر ما قاله المشتري، فقال المشتري: أنا أقيم البينة على البائع أنها حرة الأصل قبلت بينته، فرق بين هذا وبينما إذا أقام المشتري البينة على ملك المستحق حيث لا تقبل بينته.
والفرق أما على المعنى الأول، فلأن المشتري وإن صار متناقضاً في هذه الدعوى، ولكن التناقض لا يمنع قبول البينة على الحرية وعلى العتق على ما عرف.
وأما على المعنى الثاني: فلأنه بهذه البينة يثبت ما ليس بثابت وهو غصب البائع الثمن لأن الحرة لا تدخل تحت العقد أصلاً، ولا يجب في مقابلتها الثمن فهو بهذه البينة يثبت أنه قبض ماله بغير حق، وقبض مال الغير بغير حق غصب، أما في الاستحقاق فالمشتري ببينته يثبت أنه غصب البائع الثمن؛ لأنه يثبت أن ما أخذه البائع أخذ بغير حق، لأن بدل المستحق مملوك، ولكن يثبت الملك للمستحق ليثبت لنفسه حق فسخ هذا العقد، وفيما يرجع إلى الملك البينة قامت على إثبات ما هو ثابت.
وأما على المعنى الثالث: فلأنه يثبت ما هو سبب حقه وهو خصم فيه، ولو ادعى المستحق على المشتري أنها جاريته وأنه أعتقها أو دبرها أو استولدها، وأقر المشتري بذلك أو نكل لا يرجع المشتري بالثمن على البائع، لما ذكرنا، فإن أقام المشتري بينة على البائع، بذلك يرجع بالثمن على البائع، ينظر إن شهدت بينته بعتق مطلق أو بعتق مؤرخ بتاريخ قبل الشراء قبلت، ويرجع بالثمن لما قلنا: إن التناقض في هذا الباب لا يمنع سماع البينة؛ ولأنها قامت على إثبات ما ليس بثابت وهو غصب البائع الثمن على نحو ما بينا فقبلت، وأما إذا شهدوا بعتق مؤرخ بتاريخ بعد الشراء لو قبلت بينته لقبلت على الملك، والملك ثابت للمستحق بإقرار المشتري أو بنكوله، فقامت البينة على إثبات ما هو ثابت فلا تقبل.h