للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني لترك القراءة في إحدى الركعتين، فيلزمه قضاؤه.

وإن لم يقعد على رأس الركعتين، فعليه قضاء الأربع بالإجماع.

والجواب في هذا الفصل كالجواب فيما إذا قرأ في الأوليين فقط، وإذا قرأ في الثلاث الأواخر، فعليه قضاء ركعتين عند محمد؛ لأن بترك القراءة في الركعة الأولى انقطعت التحريمة، فلم يصح الشروع في الشفع الثاني، فلا يلزمه قضاء الشفع الثاني ولكن يلزمه قضاء الشفع الأول؛ لأن الشروع فيه قد صح، وفسد الأداء، وعند أبي يوسف يلزمه قضاء أربع ركعات؛ لأن بترك القراءة في الركعة الأولى لا تنقطع التحريمة، فصح الشروع في الشفع الثاني وفسد الأول؛ لأن الشفع الأول قد فسد، والثاني بناءً عليه والبناء على الفاسد فاسد.

وكذلك الجواب عند أبي حنيفة في رواية محمد عنه؛ لأن عند أبي حنيفة على رواية محمد عند التحريمة لا تنقطع بترك القراءة في إحدى الركعتين الأوليين فصح الشروع في الشفع الثاني، والتقريب ما ذكرنا.

وإذا قرأ في إحدى الأوليين، فعند محمد رحمه الله قضاء الشفعين، وكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله على رواية محمد رحمه الله لما ذكرنا، وإذا قرأ في إحدى الأخريين، فعند محمد عليه قضاء الشفع الأول لا غير؛ لأن الشروع في الشفع الثاني لا يصح عنده.

وكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله: لا يصح الشروع في الشفع الثاني؛ لانقطاع التحريمة عنده بترك القراءة في الشفع الأول أصلاً، وعند أبي يوسف رحمه الله قضاء الأربع لصحة الشروع في الشفع الثاني عنده، فإن صلى أربع ركعات، ولم يقرأ في الأوليين وقرأ في الأخريين ينوي قضاء الأوليين لا يكون قضاء عن الأوليين؛ لأنه بنى بناءً على تحريم واحدة والتحريمة الواحدة لا يتسع فيها القضاء والأداء، فإن ترك القراءة في الأوليين ثم اقتدى رجل في الأخريين، فصلاهما معه فعليه قضاء الأوليين كما يقضي الإمام، لأنه لما شارك الإمام في التحريمة فقد التزم ما التزم الإمام بعد التحريمة.

وهذا إنما يستقيم على قول أبي يوسف وعلى قول أبي حنيفة على ما روى عنه محمد؛ لأن التحريمة لا تنحل بترك القراءة عندهما، فأما عند محمد رحمه الله التحريمة انحلت بترك القراءة وصار الإمام خارجاً من الصلاة، فلم يصح اقتداء الرجل بالإمام، فلا يجب عليه قضاء شيء، فإن دخل معه رجل في الأوليين، فلما فرغ منهما تكلم الرجل ومضى الإمام في صلاته حتى صلى أربع ركعات، فعلى الرجل المقتدي قضاء ركعتين الأوليين فقط؛ لأن المقتدي خرج من صلاة الإمام بالكلام قبل قيام الإمام إلى الشفع الثاني، وإنما يلزم الإمام الشفع الثاني بالقيام إليها، فإذا خرج المقتدي من صلاته قبل قيام الإمام إلى الشفع الثاني لم يلزمه شيء من هذا الشفع، وإنما يلزمه قضاء الشفع الأول؛ لأنه كان شارعاً فيه وقد أفسد الإمام بترك القراءة، فيلزمه قضاؤه.

وذكر الحاكم الجليل رحمه الله في «مختصره» ، وإن كانت الصلاة كلها صحيحة لم يكن على الرجل إلا قضاء الركعتين قيد بالركعتين الأوليين؛ لأنه بالكلام خرج الإمام عن

<<  <  ج: ص:  >  >>