وفي «النوادر» لابن سماعة عن محمد: رجل اشترى من رجل جارية وقبضها، ثم جاء رجل وادعاها، وأقر المشتري أنها لهذا المدعي، فأراد المشتري أن يرجع على البائع بالثمن، فقال البائع للمشتري: إنما كانت هي للمدعي؛ لأنك وهبتها له فالقول قوله، ولا يرجع المشتري عليه بالثمن.
استحق حماراً من يدي رجل ببخارى وقبض المستحق عليه، ووجد بائعه بسمرقند فقدمه إلى القاضي بمصر سمرقند فأراد الرجوع (١٨٦ب٤) عليه بالثمن، وأظهر سجل قاضي بخارى، فأقر البائع بالبيع، ولكن أنكر الاستحقاق، وكون السجل، سجل قاضي بخارى، فأقام المستحق عليه بينة أن هذا سجل قاضي بخارى لا يجوز لقاضي سمرقند أن يعمل به، ويقضى للمستحق عليه بالرجوع بالثمن ما لم يشهد الشهود أن قاضي بخارى قضى على المستحق عليه بالحمار الذي اشتراه من هذا البائع وأخرجه من يد المستحق عليه، وهذا لأن الخط يشبه الخط، فلا يجوز الاعتماد على نفس السجل بل يشترط أن يشهدوا على قضاء القاضي، وعلى قصر يد المستحق عليه.
في شهادات «المنتقى» : استحق حماراً بشهادة شاهدين عدلين عدلهما الشهود عليه، قال: أسأل عن الشاهدين إن زكيا رجع المشهود عليه على البائع بالثمن بمنزلة الإقرار.
نوع آخر في استحقاق المبيع وقد كفل بالثمن كفيل بأمر
مسائل هذا الفصل مبنية على معرفة الكفالة بحق عن الغير، وعلى معرفة قضاء الدين عن الغير، فنقول: الكفيل بعقد الكفالة بضم ذمته إلى ذمة الأصيل ليحمل ما على الأصيل؛ لأن الكفالة مشتقة من الضم، ثم قضاء الكفيل بعد ذلك لإسقاط ما يحمل الكفيل والقاضي الدين عن الغير يقيم ماله مقام الأصيل في إسقاط ما على الأصيل من الدين، فمتى كانت الكفالة والقضاء بأمر الأصيل صار كل واحد منهما * أعني الكفيل والقاضي * مقرضاً ما يلاقيه يصرفه بمن عليه، فالقاضي للدين يصير مقرضاً ماله الذي أدى به دين من عليه؛ لأن المديون لما أمر بقضاء الدين عنه فقد جعله نائباً عن نفسه في القضاء بما يؤدي إلى صاحب الحق، وإنما يصير نائباً إذا صار المؤدى ملكاً للآمر بالإقراض، وهو معنى قولنا: إن المأمور بقضاء الدين يصير مقرضاً ما وقع به القضاء من الأمر، والكفيل يصير مقرضاً ذمته من الأمر في الالتزام ما عليه، لأن الأمر بالكفالة أمر بالتزام ما في الذمة وحق الكفيل مقام المال في حق المأمور بقضاء الدين، وهذا لأن ذمة الكفيل تصير مشغولة بما على الأصيل، وإنما تصير مشغولة بذلك إذا صارت ذمة الكفيل كذمة الأصيل بالإقراض، فكان في معنى الإقراض من هذا الوجه، ومتى كانت الكفالة وقضاء الدين بغير أمر من عليه صار الكفيل والقاضي متبرعاً، فيعتبر في حق الأصيل كأن صاحب الدين أبرأه بغير قبض، ويعتبر في حق الكفيل والقاضي هذا أداء المال والتزامه بمقابلة إسقاط المال من الغير، والتزام المال وأداؤه بمقابلة إسقاط المال عن غيره كالفضولي يصالح صاحب المال على مال نفسه، يعتبر ذلك في حق صاحب المال كأنه