هذا العين ميراثاً له عن أبيه فالقاضي يسمع دعواه وتقبل شهادتهم، ولو شهدوا كان ملك أبيه إلى يوم موته، مات وترك ميراثاً لهذا المدعي، ولم يقولوا: وترك هذا العين أو تركه ميراثاً، فقد قيل: لا تقبل الشهادة ولابد من ذكر قوله: وترك هذا العين ميراثاً له، أو من ذكر قوله: وتركه، ولكن هذا ليس بصواب، فإنهم لو شهدوا أن هذا العين كان ملك أبيه إلى يوم موته، ولم يتعرضوا لشيء آخر فالقاضي يقبل شهادتهم، ويقضي بالدار ميراثاً نص عليه محمد في شهادات «الأصل» ، والمسألة بتمامها مع فروعها مرت في كتاب الشهادات.
دار في يدي رجل أقام رجل البينة أن أبي اشترى هذه الدار من صاحب اليد بألف درهم، وقد مات، وصاحب اليد يجحد ذلك، قال: لا أكلفه البينة أن أبي مات وتركها ميراثاً لي، ولكن اسأله البينة أنهم لا يعلمون له وارثاً غيره، فإن أقامها أمرت صاحب اليد بدفع الدار إليه، وإنما لم يكلف إقامة البينة أن أباه مات وتركها ميراثاً له، لأنه لما ادعى على ذي اليد بيعه من أبيه فكل بائع مقر بالملك للمشترى منه صار دعواه بيع ذي اليد من أبيه بمنزلة دعواه إقرار ذي اليد بالملك لأبيه.
ولو ادعى إقرار ذي اليد بالملك لأبيه وأقام على ذلك بينة كفى ذلك حجة للقضاء، ولا يشترط فيه جر الميراث، بخلاف ما لو أقام البينة على نفس الملك للمورث لا إقراره بالملك للمورث، وهذا لأن دعوى الإقرار على ذي اليد في المسألة الأولى في ضمن دعوى البيع عليه والمدعي في هذه المسألة لا يدعي البيع على ذي اليد، فكان هذا في حق ذي اليد دعوى نفس الملك للمورث، فلابد من جر الميراث.
رجل في يديه دار يزعم أنه ورثها من أبيه جاء رجل وادعى أنه اشتراها من أبي ذي اليد في حال حياته، ولم يقل: وهو يملكها وكذلك الشهود في شهادتهم، لم يقولوا: وهو يملكها، فالقاضي يقضي بالدار للمدعي لأن صاحب اليد مقر بملك الأب حيث ادعى الإرث، وكذلك لو كان الأب حياً وادعى المدعي الشراء من أبي ذي اليد، وذو اليد يدعي أن أباه وهبها له، فالقاضي يقضي للمدعي ببينته، وإن لم يقولوا في شهادتهم: وهو يملكها، وإنما يحتاج إلى قول الشهود في شهادتهم: وهو يملكها إذا لم يكن ذو اليد مقراً بالملك للمدعى عليه الشراء بأن لم يدع التملك من جهته.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : رجل في يديه دار ادعاها رجلان أحدهما ابن أخ الذي الدار في يديه ووارثه لا وارث له غيره، وأقام كل واحد من الرجلين شاهدين أن الدار دار أبيه مات، وتركها ميراثاً له لا يعلم له وارثاً غيره، فسمع القاضي بينتهما فقبل أن يزكيا مات العم الذي الدار في يديه، فإن القاضي يسلم الدار إلى ابن الأخ؛ لأنه وارث الميت فيقوم مقامه فيما كان في يده، كما يقوم مقامه في أملاكه، فإن سلم القاضي الدار الى ابن الأخ ثم زكيت البينتان، فالقاضي يقضي بالدار بين ابن أخ ذي اليد، وبين الأجنبي نصفان، وكان ينبغي أن يقضي بالدار كلها للأجنبي؛ لأن الأجنبي خارج وقت القضاء، وابن الأخ ذو اليد.