«نوادره» عن محمد: أن القاضي يقضي بالدار بين الخارج الأجنبي، وبين أخي صاحب اليد أرباعاً.
وبيان ذلك: أن الأجنبي مع أخي ذي اليد كل واحد منهما يدعي جميع الدار لأبيه لأنه يدعي الملك لنفسه بطريق الميراث، وصح دعوى أخي ذي اليد جميع الدار لأبيه، كما صح دعوى الأجنبي لأن أحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت فيما يستحق له، وإذا صح دعوى كل واحد منهما جميع الدار صار كأن أبا كل واحد منهما حيّ وادعى لنفسه كل الدار، وشهد الشهود له بذلك، وهناك يقضى بالدار بين الأبوين نصفان فكذا ههنا يكون نصف الدار لأبي الأجنبي، والنصف لأبي أخي ذي اليد، إلا أن أخا ذي اليد لا يدعي لنفسه من النصف الذي صار لأبيه إلا نصفه، وهو ربع الكل، فإن في زعمه أن هذا النصف له ولأخيه لكل واحد نصفه وهو ربع الكل، وأخوه لا يدعي ذلك الربع لنفسه فيستحقه الأجنبي؛ لأن الأجنبي أثبت كل الدار لنفسه لكن لم يقض له بجميع الدار بمنازعة أخي ذي اليد إياه، ولا منازعة لأخي ذي اليد معه إلا في مقدار الربع، فيسلم ما وراء الربع للأجنبي بخلاف مسألة الدعوى، لأن هناك مدعي الجميع يدعي لنفسه كل الدار ومدعي النصف يدعي النصف لا غير، فكانت المسألة على الخلاف، أما ههنا بخلافه.
فإن أراد ذو اليد أن يدخل مع أخيه في الربع الذي صار له، وقال له: قد أقررت أن النصف الذي أصاب أبونا من هذه الدار بيني وبينك نصفان، فما ورد عليه الاستحقاق يكون مستحقاً على الكل وما بقي يبقى على الكل، فليس له ذلك لأن من حجة أخيه أن يقول: الاستحقاق ورد عليك لأن الاستحقاق ورد عليك بجحودك، وجحودك حجة في حقك خاصة دون غيرك. فهو بمنزلة نصراني مات عن ابنين ثم أسلم أحدهما، ثم شهد نصرانيان على الميت بدين، فإنه يستوفى كله من نصيب الابن النصراني ولا يرجع هو على أخيه بشيء؛ لأن الاستحقاق وقع عليه بما هو حجة في حقه دون غيره، أو نقول بعبارة أخرى، الأخ يقول لذي اليد: الاستحقاق ورد عليك لأنك كنت ذا اليد، أما أنا فكنت خارجاً، وما كان للقاضي.
...... يقضي بنصيبي لاستوائنا في كوننا خارجين، أو نقول بعبارة أخرى يقول لذي اليد: قضاء القاضي بالربع للأجنبي انصرف إلى نصيبك خاصة لأن تصحيح قضاء القاضي واجب ما أمكن، وإنما يصح قضاء القاضي لكل الربع إذا كان كل الربع لذي اليد، أما إذا كان مشتركاً بينه وبين أخيه لا يصح في نصيب أخيه لأن الأجنبي صار مقضياً عليه فيما صار لأخي ذي اليد بالقضاء وبينة المقضي عليه لا تسمع على المقضي له إلا إذا ادعى تلقي الملك من جهة (١٩١أ٤) المقضي له، فعلم أن القضاء انصرف إلى نصيب ذي اليد خاصة.
قال: ولو كان الذي في يديه الدار أقر أنه ورثها من أبيه بعدما أنكر الوراثة وبعدما