لأن قول الإنسان في ملكه مقبول في بيان جهة الملك واليد.
....... هذا العبد الذي في يديك عبدي وهبه لي عبد الله، وصدقه عبد الله، وكذبه ذو اليد ثم إن هذا الرجل اشترى هذا العبد من ذي اليد حتى ملكه، يجعل العبد في يده بحكم الهبة له من عبد الله، حتى كان لعبد الله أن يرجع فيه، فيثبت أن قول الإنسان في ملكه مقبول من جهة الملك، فيقبل قوله: إنه ورثها من أبيه ومتى قبل قوله: إنه ورثها من أبيه لا من عمه، يبطل ما أقام الأجنبي من الشاهد الواحد، ويلزمه الإعادة ثانياً؛ لأنه لم يقم مقام العبد في هذه الدار حتى يجعل إقامة الشاهد الواحد على العم كإقامته عليه، إنما قام مقام أبيه في هذه الدار، ولم يقم للأجنبي الشاهد على أبيه إنما أقامه على عمه، فيبطل ما أقام الأجنبي من الشاهد هذا الواحد بمجرد إقرار ابن الأخ الذي هو محتمل للصدق والكذب، فلهذه الضرورة امتنع الإرث والتقريب ما ذكرنا.
قال: ولو كان كل واحد منهما أقام شاهداً واحداً على العم، فلما مات العم أقام الأجنبي شاهداً آخر، فزكي شاهداه، وقضى القاضي له بالدار، ثم إن ابن الأخ أقام شاهداً آخر على حقه مع الشاهد الأول، فالقاضي لا يلتفت إلى ذلك لأن ما أقام ابن الأخ من الشاهد الواحد على العم قد بطل بقضاء القاضي للأجنبي ببينته، ألا ترى أنه لو كان أقام شاهدين على العم تبطل شهادتهما بقضاء القاضي للأجنبي بالدار؟ فأولى أن يبطل الشاهد الواحد، فإن أعاد ابن الأخ الشاهدين على الأجنبي، قضي له بالدار؛ لأنه لم يصر مقضياً عليه ببينة الأجنبي لأن بينة الأجنبي قامت على العم، وابن الأخ لا يدعي تلقي الملك من جهة العم إنما يدعي ذلك من أبيه.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» أيضاً: دار في يدي رجل يدعي أنها داره، فأقام رجل بينة أنها داره ورثها من أبيه فلان مات وتركها ميراثاً له ولأخيه هذا الذي الدار في يديه لا وارث له غيرهما، وذو اليد يجحد، ويدعي أنها داره، وزكيت البينتان، ذكر أنه يقضى بالدار بين الخارج الأجنبي وبين أخي ذي اليد أرباعاً، ثلاثة أرباعها للخارج الأجنبي وربعها لأخي ذي اليد، ولا شيء لذي اليد، هكذا ذكر في الكتاب من غير ذكر خلاف.
ومن مشايخنا من قال: ما ذكر في الكتاب قول أبي حنيفة رحمه الله، أما على قولهما: يجب أن يقضى بالدار بينهما أثلاثاً، ثلثاها للخارج الأجنبي، وثلثها لأخي ذي اليد، وهذا القائل جعل هذه المسألة فرعاً لمسألة أخرى ذكرها في كتاب الدعوى.
وصورتها: رجل في يديه دار تنازع فيها رجلان أحدهما ادعى كلها وادعى الآخر نصفها، وأقاما جميعاً البينة، ذكر أن الدار تقضى بينهما أرباعاً عند أبي حنيفة على طريق المنازعة، وعندهما يقضى بينهما أثلاثاً على طريق المضاربة، فههنا يجب أن يكون كذلك لأن الخارج الأجنبي ادعى لنفسه كل الدار وأخو ذي اليد برواية ابن سماعة في