للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضي له بنصف الدار؛ لأنه لا يدعي لنفسه إلا نصف الدار، فإن أراد ذو اليد أن يدخل على أخيه في النصف الذي قضي له ليس له ذلك لما ذكرنا.

إذا كانت الدار بين ثلاثة نفر غير مقسومة مات أحدهم، فأقام رجل البينة أنه أخو الميت ووارثه لا يعلمون له وارثاً غيره، وقضى القاضي له بنصيب الميت، ثم جاء رجل آخر وادعى أنه ابن الميت، وكذبه الأخ، وصدقه الشريكان في الدار، فأراد أن يدخل في نصيبهما لما أنهما أقرا بشركته في الدار ليس له ذلك، وكذلك لا يدخل في نصيب الأخ المقضي له بنصيب الميت، أما لا يدخل في نصيب الأخ؛ لأن ذلك صار ملكاً له ظاهراً بحكم القضاء، والملك الثابت للإنسان لا يستحق إلا بإقراره أو ببينة تقوم ولم يوجد شيء من ذلك ههنا.

فلو قيل: وجدت البينة ههنا لأن الشريكان شهدا بذلك له، قلنا: المذكور في «الكتاب» : أنهما أقرا بذلك لا أنهما شهدا به، وإقرار الإنسان ليس بحجة على غيره، وأما لا يدخل في نصيب الشريكين وإن أقر أن له شركة في الدار؛ لأنهما أقرا له بنصيب الميت، ونصيب الميت كله صار للأخ بقضاء القاضي؛ لأن قضاء القاضي انصرف إلى نصيب الميت تصحيحاً للقضاء، فإنما أقرا له بما في يد الأخ لا بما في أيديهما، فلا يكون له أن يدخل في نصيبهما.

قال في «الكتاب» : ألا ترى أن رجلاً لو أقام بينة أنه اشترى من الميت في حياته نصيبه بألف درهم، ونقد الثمن، وقضى القاضي له بذلك وجحد وارث الميت أن البيع لم يكن وأن المدعي مبطل في دعواه، وأن شهوده شهدوا بزور، أكان للوارث أن يدخل في نصيب الشريكين؟ لا شك أنه ليس له ذلك؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت عياناً ولو عاينا أن الميت باع نصيبه من الدار لا يكون لوارث الميت أن يدخل فيما في يد الشريكين لأن البيع انصرف إلى نصيبه خاصة فلم يكن له أن يدخل بعد هذا فيما في يد الشريكين، فكذا إذا انصرف القضاء إلى نصيب الميت لا يكون للابن أن يدخل في نصيب الشريكين، قال: ولو كان الأخ أخذ نصيب الميت بغير قضاء بأن غلب عليه وأخذه، ثم جاء رجل وادعى أنه ابن الميت وصدقه الشريكان في ذلك، وكذبه الأخ، دخل الابن في نصيب الشريكين لما ذكرنا أن قضاء القاضي انصرف إلى نصيب الميت خاصة، ولما يميز نصيب الميت عن نصيب الشريكين كان إقرار الشريكين للأب بنصيب الميت لا بما في أيديهما، فلا يكون له حق المشاركة فيما في يد الشريكين، وهو قضاء القاضي، فبقيت الدار مشاعاً بينهم فما نوى منها بالاستيلاء للأخ عليها ينوى على الشركة، وما بقي يبقى على الشركة، هذا هو الحكم في المال المشترك إذا ذهب منه شيء، وإذا كان الباقي على الشركة بين الشريكين وبين الميت فنقول: الشريكان أقرا بما هو للميت في أيديهما لمدعي البنوة فيصير ذلك له بإقرارهما فيدخل على ما في يد الشريكين لهذا.

قال: ولو أن الدار كانت في يد الثلاثة فمات واحد وأقام رجل البينة أنه أخ الميت ووارثه لا وارث له غيره، وقضى القاضي بالثلث لهذا الأخ ثم إن هذا الأخ، مع

<<  <  ج: ص:  >  >>