للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريكين اقتسموا الدار بقضاء أو بغير قضاء، وأخذ كل واحد منهم منزلاً منها؛ ثم جاء رجل وادعى أنه ابن الميت وصدقه الشريكان في ذلك، وكذبه الأخ فإن الابن يدخل مع الشريكين فيما في أيديهما فرق بين هذا وبينما قبل القسمة، وقد أخذ الأخ نصيب الميت بقضاء القاضي فإنه لا يدخل الابن في نصيب الشريكين لأنهما أقرا له بنصيب الميت؛ ونصيب الميت في يد الأخ ليس في يد الشريكين من ذلك شيء، فأما بعد القسمة وصل إلى كل واحد من الشريكين ثلث ما كان من نصيب الميت لأن كل منزل أخذه كل واحد من الشريكين بالقسمة على ثلاثة أسهم، سهم من ذلك ملكه في الأصل، وسهم منه من نصيب شريكه بإزاء ثلث منزل تركه على شريكه من نصيبه، وسهم منه من نصيب الأخ ملكه بإزاء ما تركه على الأخ من نصيبه، فإذا أقر بالابن فقد أقر أن الثلث مما في أيديهما له فيؤمران بالتسليم إليه.

وإنما قلنا: بأنه وصل إلى كل واحد من الشريكين ثلث ما كان من نصيب الأخ لأن القسمة في الأشياء المتفاوتة إقرار لعين الحق من وجه ومبادلة من وجه، إقرار من حيث أن القسمة في الأصل وضعت لإقرار الأنصباء كما في قسمة المكيلات والموزونات، ولهذا يجبر (١٩١ب٤) كل واحد من الشركاء على القسمة ومبادلة من حيث أن ما يأخذ كل واحد من الشركاء بعضه ملكه في القديم وبعضه ملك صاحبه ملكه بإزاء البعض الذي تركه على صاحبه من ملكه، وهذا هو معنى المبادلة والعمل بمعنى المبادلة والإقرار متعذر في حق كل شخص لمكان التنافي، فاعتبرنا معنى الإقرار في حق الشركاء؛ فأجبرنا كل واحد منهم على القسمة، واعتبرنا معنى المبادلة في حق الثالث.

إذا ثبت هذا فنقول: الابن المقر له ثالث، فيعتبر القسمة مبادلة في حقه كأن كل واحد منهما اشترى ثلث المنزل الذي أصابه بالقسمة من الأخ بثلث المنزل الذي تركه عليه، فوجب على كل واحد منهما تسليم ثلث المنزل الذي أصابه بالقسمة إلى الابن.

فإن قيل: هذه القسمة كما اعتبرت إقراراً في حق الشركاء اعتبرت إقراراً في حق الثالث، ولم تعتبر مبادلة، ألا ترى أنه لا يتجدد للشفيع حق الشفعة، فإن من باع نصف الدار شائعاً وله شفيع فسلم الشفيع الشفعة، ثم إن المشتري قاسم البائع، لا يتجدد للشفيع حق الشفعة في الربع الذي ملكه المشتري من نصيب البائع بإزاء الربع الذي تركه على البائع، ولو اعتبر مبادلة يتجدد للشفيع حق الشفعة والدليل عليه: أن ليس للشفيع نقض قسمة المشتري، ولو اعتبر مبادلة في حق الثالث، كان للشفيع حق نقضها كما كان له حق نقض بيعه.

قلنا: إنما لم يتجدد للشفيع حق الشفعة لأن حالة القسمة كان المشتري المقاسم شريكاً في الدار، والشفيع جار، والشريك متقدم على الجار، وإنما لا يكون للشفيع أن ينقض القسمة لأن نقضها لا يفيد لأنه لو نقضها احتجنا إلى إعادتها ثانياً، والثاني: أن القسمة مما يؤيد قبض المشتري لأنها من تمام القبض؛ لأن قبل القسمة يكون المقبوض بعضه حقه وبعضه حق غيره، وبالقسمة يصير المقبوض كله حقه، وليس للشفيع أن ينقض

<<  <  ج: ص:  >  >>