قبض المشتري حتى يأخذ الذكر من البائع ليكون العهدة له على البائع من حيث إن البائع.... من المشتري، فكذا لا يكون له نقض ما يؤكده.
فإن قيل: ما ذكرتم أن القسمة في الأشياء المتفاوتة يعتبر مبادلة في حق الثالث مستقيم على قول محمد، غير مستقيم على قول أبي حنيفة وأبي يوسف، فقد ذكرنا في كتاب الإقرار: إذا كانت الدار بين رجلين نصفين، وأوصى أحدهما بمنزل بعينه من الدار للمشتري ثم مات الموصي فاقتسم شريك الموصي مع ورثة الموصي؛ إن وقع المنزل الموصى به في قسم ورثة الموصي فإنه تصح الوصية في جميع المنزل على قول أبي حنيفة وأبي يوسف: إذا كان جميع الدار يخرج من ثلث ماله، وإن وقع في نصيب شريك الموصي، كان للموصى له بالميراث أن يأخذ جميع ذرعان المنزل الموصى به من ثلث ماله على قولهما.
ولو كانت هذه القسمة مبادلة في حق الثالث والموصى له ثالث؛ كان يجب أن يقال: بأنه إذا وقع المنزل الموصى به في نصيب ورثة الموصي أن تصح الوصية في نصف المنزل الموصى به، كما قال محمد، لأن نصف المنزل الموصى به ملك الموصي وقت الوصية، ونصفه ملك شريكه، ملكه بإزاء نصف المنزل الذي تركه على شريكه بالقسمة.
ومن أوصى بعين لا يملكه ثم ملكه فإنه لا يصح الوصية به، وإن ملكه بعد ذلك إلا أن تكون الوصية مضافة إلى حالة الملك، بأن قال: إن ملكت هذا العين فهو وصية لك، ثم ملك العين، والوصية ههنا غير مضافة إلى الملك، وقد قالا: بأنه يصح في جميع المنزل إذا وقع في نصيب شريكه كان يجب أن يقال: يستحق الموصى له الأخذ بنصف ذرعان المنزل لا بجميعه، لأن نصف ما أصاب ورثة الموصي بدل المنزل الموصى به؛ لأن نصف المنزل الموصى به كان ملكاً للموصي، ونصفه ملك شريكه وهو إنما يستحق البدل بإزاء ما كان ملكاً له، لا بإزاء ما كان ملك شريكه.
والأصل أن من أوصى بعين ملكه، ثم زال ملكه عن العين من غير اختياره، وأخلف بدلاً تتعلق الوصية ببدله، كما لو أوصى بعبد بعينه لإنسان، فقتل قبل موته خطأ حتى وجبت القيمة بجواب الوصية إلى بدله، فكذا ههنا تتحول الوصية إلى بدل النصف الذي كان ملكاً له، فأما النصف الآخر من المنزل الموصى به كان ملك شريكه فالوصية بذلك النصف حصل في ملك الغير والوصية في ذلك الغير لا تصح لا في عينه ولا في شيء آخر، فكيف يستحق الموصى له الأخذ بذرعان ذلك النصف؟ قلنا: من المشايخ من قال: مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف أن هذه القسمة إقرار محض والبدل بمنزلة الوصية، وهذا القائل يقول: ما ذكره في «الجامع» قول محمد لا قولهما، وبعد أن سلم أن المذكور في «الجامع» قول الكل، فالجواب لأبي حنيفة وأبي يوسف: أن المنزل الموصى به جميعه مملوك لكل واحد منهما بكماله من حيث أن تصرف شريكه لا ينفذ فيه لا في