للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك فالاستعمال دليل الملك أيضاً.

قلنا: الاستعمال إنما يكون دليلاً على الملك إذا كان استعمالاً يختص به المالك في الغالب ومعناه أن لا يوجد ذلك غالباً إلا من المالك، أما إذا كان يوجد من المالك وغيره فهذا لا يدل على الملك، وسوق الدابة كما يكون من المالك يكون من غير المالك، فلا يكون دليلاً على الملك، ذكر هذه المسألة في «السير» في أبواب الإيمان، ولم يذكر ثمة ما إذا كان أحدهما ممسكاً بلجام الدابة والمتعلق بذنبها.

قال مشايخنا: وينبغي أن يقضي للذي هو ممسك بلجامها؛ لأنه لا يتعلق باللجام غالباً إلا المالك، وكما يتعلق بالذنب المالك يتعلق به غير المالك، فكان الإمساك باللجام أدل على الملك.

قال في «الجامع» : بساط عليه رجل جالس ورجل آخر متعلق به وكل واحد منهما يدعي أن البساط له، فإنه يقضي بالبساط بينهما نصفان، فرق بين هذا وبين دار فيها رجلان قاعدان، وكل واحد منهما يدعيها لنفسه فإنه لا يقضي بينهما، وذكر مسألة البساط في «القدوري» وقال: يترك البساط في أيديهما بينهما نصفان يريد به لا على طريق القضاء؛ لأن القعود على البساط ليس بيد على البساط كالتعلق به، فاستويا فيه ثم الفرق بين البساط والدار على ما ذكرنا في «الجامع» أن في الدار ما قضينا بينهما نصفان؛ لأن الجلوس والتعلق دليل اليد؛ لأنه كما علم أن البساط في أيديهما، علم أنه ليس في يد الثالث؛ لأن اليد على البساط لا يثبت إلا بأحد الطريقين:

إما بإثبات اليد عليه حساباً بالنقل والتحويل، أو فعل يقصد به النقل والتحويل، وإما بكونه في يده حكماً بأن كان في بيته ولم يوجد شيء من ذلك في البساط، فإن يراه موضوعاً على قارعة الطريق، وإذا علم أنه ليس في يد غيرهما ولا في أيديهما وهما مدعيان، يقضي بينهما لاستوائهما في الدعوى.

وفي الدار: إن علم أنه ليس في أيديهما لما أن الجلوس فيها لا يدل على اليد لم يعلم أنه ليس في يد غيرهما؛ لأن اليد على الدار إنما تكون بالسكنى وبالإحطاط؛ لأن الدار بعد في مكانه الذي ثبت فيها يد المحيط عليها، لم يتحول عن ذلك المكان إلى مكان (١٩٣ب٤) آخر فتكون يد المحيط ثابتة على الدار حكماً؛ لأنه جهل صاحب اليد والقاضي إنما يقضي بما وقع فيه الدعوى بين المدعيين بحكم الدعوى، إذا علم أنّ المدعى عليه ليس في يد غيرهما ولم ينتصب هذا العلم في العقار، ويثبت في المنقول وفي شرح «الجامع» جعل دليل اليد في النقليات فعلاً لا يتصور ثبوته بدون النقل، كاللبس والحمل المثقل يحصل عادة للنقل كالركوب في الدواب، وفي غير النقليات جعل دليل اليد فعلاً يوجد من الملاك في الغالب، كالسكنى في الدار وغير ذلك وما ليس بدليل اليد في النقليات فعل يتأتّى بدون النّقل ولا يحصل في الغالب النقل كالجلوس على البساط وما ليس بدليل اليد في غير النقليات، فعل يوجد من غير الملاك كالجلوس والنوم في الدار وأشباه ذلك، فقد ذكرنا هذه الجملة مع مسائلها في كتاب الشهادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>