للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقبل اتصال القضاء بها، فوجب حق الملك وحق الملك معتبر بحقيقة الملك ولو ثبتت الحقيقة يصير مقضياً عليه كذا هاهنا.

ولو عدلت بينة أحدهما ولم تعدل بينة الآخر أو لم يقم الآخر شاهداً أصلاً أو أقام شاهداً واحداً، فقضي به لمن عدلت ببينة عادلة قضي له بالعين، وقبلت بينته؛ لأنه لو لم تقبل بينته إنما لم تقبل لصيرورته مقضياً عليه من جهة صاحبه؛ لأنه لم يكن له في المقضي به لا حقيقة الملك ولا حق الملك في انعدام الحجة الموجبة للقضاء، والقضاء على الإنسان بإزالة الاستحقاق الثابت، فإذا لم يكن الحق ثابتاً له كيف يتصور إزالته، فعلم أنه لم يصر مقضياً له، فسمع دعواه وبينته بعد ذلك.

فلو كان كل واحد من المدعيين ادعى أن العين له أودعه من صاحب اليد، وأقام أحدهما البينة، فقبل أن يزكي بينته أقر ذو اليد أن العبد الذي لم يقم البينة أودعه إياه ذو اليد؛ قبلت بينته، وقضي له بالعبد؛ لأن المقر له لم يصر مقضياً عليه؛ لأن بينة غير المقر قامت على ذي اليد لا على المقر له، وجعل المقر له كالوكيل عنه.

فإن قيل: الملك قد ثبت للمقر له بإقرار ذي اليد وبتصديق المقر له إياه ثم استحق عليه بالقضاء ببينة المدعي، فيجعل المقر له مقضياً عليه، قلنا: إقرار ذي اليد كان بعد إقامة المدعي البينة على ذي اليد (٢٠٠ب٤) وعند ظهور عدالة الشهود يثبت الاستحقاق من وقت الشهادة فظهر أن إقرار ذي اليد كان باطلاً، لأنه ظهر أنه لم يكن مالكاً للعبد، وإذا بطل إقرار ذي اليد بطل تصديق المقر له لأنه بناء عليه، وإذا بطل الإقرار والتصديق صار وجودهما والعدم بمنزلة، ولو عدم بمنزلة ولو عدما وباقي المسألة بحالها كان المقضي عليه الذي كان العبد في يده دون المقر كذا هاهنا.

وكذلك لو أقام المقر له البينة على ما ذكرنا قبل القضاء لصاحب البينة يقضي للمقر له ويبطل بينة صاحبه؛ لأن بينة المقر له ظهر أن صاحبه أقام البينة على مودع المقر له وهو ليس بخصم، والبينة القائمة على غير الخصم باطلة.

فإن قيل: بينة المدعي متى قامت على المودع إنما تبطل إذا كان المودع غائباً وقت إقامة البينة؛ أما إذا كان حاضراً كانت البينة مقبولة، وتكون إقامة البينة على المودع والمودع حاضر بمنزلة إقامة البينة على المودع، وهاهنا المقر له حاضر وقت إقامة المدعي البينة على مودعه، فصار بمنزلة ما لو أقام المدعي البينة على الذي كان العبد في يده حقيقة فهو غائب حكماً؛ لأنه ليس بخصم للمدعي وقت إقامة البينة؛ لأنه لم يكن له في العبد ملك ولا حق ملك وقت إقامة المدعي البينة، وكذا لم يثبت له زيادة خصوصية بهذا العبد ظهر من بين سائر الأجانب، وهو كونه بحال لو أقام شاهد يقضي له، فصار غائباً حكماً حتى لو كان المقر له أقام شاهداً واحداً قبل إقرار ذي اليد له بالعين ويثبت له زيادة خصوصية بهذا العين من بين سائر الناس وهو كونه بحال لو أقام شاهداً واحداً يستحق القضاء حتى كانت خصومته معتبرة وقت إقامة المدعي البينة على مودعه، فكان حاضراً حقيقة وحكماً كانت البينة القائمة على مودع المقر له بمنزلة القائمة على المقر له، فتقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>