للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «ألا من ضحك منكم، فليعد الوضوء والصلاة» ، والقهقهة خارج الصلاة لا تنقض الوضوء؛ لأن انتقاض الوضوء بالقهقهة عرف بالسنّة بخلاف القياس؛ لأن انتقاض الطهارة بخارج نجس، ولم يوجد ذلك، وليست القهقهة خارج الصلاة في معنى القهقهة في الصلاة؛ لأن حالة الصلاة حالة المناجاة مع الله تعالى فتعظم الجناية بالقهقهة فيها، ولا كذلك القهقهة خارج الصلاة، فبقيت القهقهة خارج الصلاة على أصل القياس.

وكذلك القهقهة في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة لا تنقض الوضوء؛ لأن انتقاض الوضوء بالقهقهة عرف بالسنّة، والسنّة وردت في صلاة مطلقة، وهذه ليست بصلاة مطلقاً، فيعمل فيها بالقياس؛ ولكن تبطل صلاة الجنازة وسجدة التلاوة وكذلك القهقهة من النائم في الصلاة لا تنقض الوضوء، هكذا وقع في بعض الكتب.

وذكر الزندوستي في «نظمه» : إذا نام في صلاته قائماً أو ساجداً ثم قهقه: لا رواية لهذا في الأصول، قال شداد بن أوس: وقال أبو حنيفة رحمه الله: تفسد صلاته، ولا يفسد وضوءه، وهكذا أفتى الفقيه عبد الواحد رحمه الله، قال الحاكم أبو محمد الكفيني: فسدت صلاته ووضوءه جميعاً، وبه أخذ عامة المتأخرين احتياطاً.

ولو نسي كونه في الصلاة ثم قهقهة قال شداد: قال أبو حنيفة رحمه الله: تفسد صلاته ولا يفسد وضوءه، وقال الحاكم الكفيني والفقيه عبد الواحد: فسدا جميعاً.

وجه قول من قال بفسادهما: أن هذه قهقهة حصلت في خلال الصلاة، فتنقض الوضوء كما في الذاكر المستيقظ.

وجه قول من قال بعدم فساد الوضوء: أن السنّة وردت في حق اليقظان الذاكر، وليس النائم والناسي في معنى المستيقظ الذاكر؛ لأن فعل النائم والناسي لا يوصف بكونه جناية، فيعمل فيه بالقياس، وقضية القياس أن لا يفسد الوضوء.

والقهقهة من الصبي في حالة الصلاة لا تنقض الوضوء؛ لأن فعل الصبي لا يوصف بالجناية، فيعمل فيه بالقياس.

وإذا أحدث الرجل فذهب وتوضأ وعاد إلى مكانه وقهقه في الطريق حكي عن بعض المشايخ أنه ينقض وضوءه، وذكر الشيخ الإمام الزاهد علي البزدوي، رحمه الله أنها تنقض الصلاة، ولا تنقض الوضوء استحساناً.

ولو تبسم في صلاته لا ينقض وضوءه لما روي «أن رسول الله عليه السلام كان إذا رأى جرير بن عبد الله تبسم ولو في الصلاة» ، وقال عليه السلام في قصة الأعمى الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>