وقع في الركية:«ومن تبسم فلا شيء عليه» ؛ ولأن القهقهة عرفت ههنا بالسنّة بخلاف القياس، والتبسم ليس في معناها؛ لأن في القهقهة من المأثم والحرمة ما ليس في التبسم، فلم يكن التبسم في الجناية يظهر القهقهة، فيرد التبسم إلى أصل القياس.
ثم في حدّ القهقهة اختلاف المشايخ، قال بعضهم: القهقهة ما تكون مسموعاً له ولجيرانه، وقال بعضهم: ما يظهر فيه القاف والهاء، والتبسم: ما لا يكون مسموعاً له ولجيرانه، وما بينهما وهو ما يكون مسموعاً له ولا يكون مسموعاً لجيرانه، فسمي ضحكاً، وإنه ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء، وهكذا ذكر شيخ الإسلام في «شرح المبسوط» .
وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «شرح المبسوط» أن ما فوق التبسم ودون القهقهة لا ذكر له في «المبسوط» ، قال: وكان القاضي الإمام يحكي عن الشيخ الإمام أنه كان يقول: إذا ضحك حتى بدت نواجذه ومنعه عن القراءة أو عن التسبيح نقض وضوءه، قال رحمه الله: وغيره من المشايخ على أنه لا ينتقض الوضوء حتى يسمع صوته وإن قل.
والقهقهة عامداً كان أو ناسياً تنقض الوضوء ويبطل التيمم كما يبطل الوضوء، ولا تبطل طهارة الاغتسال، وقد قيل: تبطل طهارة الأعضاء الأربعة، لهذا إن المغتسل في الصلاة إذا قهقه بطلت الصلاة، وجاز له أن يصلي بعده من غير وضوء جديد على القول الأول، وعلى القول الآخر: لا يجوز له أن يصلي بعده من غير وضوء جديد.
ولو صلى الفريضة بالإيماء بعذر وقهقه فيها انتقض وضوءه؛ لأن هذه صلاة لها ركوع وسجود وقام الإيماء بعذر مقام الركوع والسجود، ولو صلى المكتوبة أو التطوع راكباً خارج المصر أو القرية وقهقه فيها انتقض وضوءه، وإن كان في مصر أو قرية لا ينتقض عند أبي حنيفة رحمه الله، لأنه ليس في الصلاة، وكذلك لو افتتح التطوع راكباً خارج المصر، ودخل المصر ثم قهقه، فلا وضوء عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله.
ولو صلى في المصر ركعة من التطوع راكباً ثم خرج من المصر يريد السفر وقهقهة لا وضوء عليه في قول أبي حنيفة. ولو صلى راكباً وهو منهزم من العدو والدابة واقفة أو سائرة أو تعدو به وهو يومىء إيماء إلى القبلة أو إلى غيرها ثم قهقهة كان عليه الوضوء.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: إمام تشهد ثم ضحك قبل أن يسلم، فضحك بعده من خلفه، فعليهم الوضوء، علل فقال: لأني كنت آمرهم أن يسلموا، أشار إلى أن القوم لا يخرجون عن حرمة الصلاة بضحك الإمام، قال الحاكم أبو الفضل: قد روي عن محمد رحمه الله أنه قال: لا آمرهم أن يسلموا أشار إلى أن ضحك الإمام يخرج القوم عن حرمة الصلاة، فلا يحتاجون إلى التسليم؛ لأن التسليم للتحليل.
ذكر الحاكم في إمام قعد في آخر صلاته قدر التشهد، ولم يتشهد والقوم على مثل حاله، فضحك الإمام ثم ضحك من خلفه، قال: أما في قول أبي حنيفة رحمه الله، فعلى