ذكر ابن سماعة في «الرقيات» : أنه كتب إلى محمد بن الحسن رحمهما الله: في رجل ادعى داراً في يدي رجل، وقال: هذه الدار كانت لفلان بن فلان الفلاني، وإنه باعها من فلان بن فلان الفلاني بألف، وأنا شفيعها، وأريد أخذها بالشفعة، وقال الذي هي في يديه: هي داري، لم يملكها فلان وفلان قط، وأقام المدعى عليه بينة على ما ادعى من ذلك.
قال: أما في قولي، وهو قياس قول أبي حنيفة، فلا خصومة بينهما حتى يحضر المشتري إن كان قبض الدار من البائع، وحتى يحضرا جميعاً إن لم يكن المشتري قبض الدار، وأما في قول أبي يوسف، فالذي في يديه خصمٌ، ويقضي القاضي للشفيع بالدار ويدفعها إليه ويأخذ الثمن من الشفيع فيضعه على يدي عدل، ويكون ذلك قضاءً على المشتري والبائع، وإن كان المشتري أيضاً حاضراً منكراً للشراء؛ قال محمد رحمه الله: أقضي بالدار للشفيع وأجعل العهدة على المشتري وأدفع الثمن إليه.
ابن سماعة عن محمد: في رجل أمر رجلاً أن يشتري له عشرة دنانير بمئة درهم ففعل ذلك، وقبض الدنانير، ودفع الدراهم، فجاء رجل يدعي الدنانير فالمشتري خصم له، ولا أقبل بينة المشتري أن فلاناً أمره واشترى هذه الدنانير له، وإن أقر مدعي الدنانير بذلك لم أجعل بينهما خصومة.
وعنه أيضاً: رجل ادعى على رجل أنه باع هذا العبد بألف درهم بأمر مولاه فلان، وهو بضاعة في يديه، فقال المدعى عليه: بعته بغير أمر صاحبه، فإني أجعله خصماً وأقضي عليه بدفع العبد إلى المشتري لأني إنما أقضي عليه بالبيع.
رجل ادعى مملوكاً وزعم أنه له وقال: ليس هو اليوم في يدي، وقال المملوك: أنا مملوك فلان (٢٠٨أ٤) الغائب، فإن جاء المملوك ببينة على ما ذكر، فلا خصومة بينه وبين المدعي، وإن لم يقم على ذلك بينة قبلت بينة المدعى عليه، وقضيت به له، فإن جاء المقر له بعد ذلك لم يكن له على العبد سبيل، فإن أقام بينة قبلت بينته ويقضى له بالعبد على المقضي له الأول، قال في «الكتاب» : لأني إنما قضيت للأول على العبد بعينه.
ولو أن رجلاً ادعى عبداً في يدي عبد أو ادعى ديناً عليه، أو ادعى شراء شيء منه، فهو خصمه إلا أن يقر المدعي أنه يحجر عليه، فلا أجعل بينهما خصومة.
رجل في يديه دار، جاء رجل وادعى أنها دار فلان وأن له عليه ألف درهم، وأنه كان له بينة بالألف التي له عليه هذه الدار منذ شهر ودفعها إليه، ثم أنه بعد ذلك استعارها منه، فأعارها إياه وفلان رب الدار غائب، وأقام الذي في يديه الدار بينة أن الدار داره اشتراها من فلان الذي زعم المدعي أنه رهنها إياه أمس وقال: اشتريتها منه منذ عشرة أيام، وشهد له الشهود بذلك، فإن الذي ادعى الرهن يستحقها، وتقبل بينته عليها.
فإن قال المشتري: أنا انقض البيع؛ فالقاضي لا ينقض بيعه على الغائب حتى يحضر الذي باعه.
وكذلك إن ادعى الاستئجار مكان الرهن، ولو كان مكان الراهن أو المشتري رجل