يدعي ملك الدار، ويزعم أنه اشتراها من صاحب اليد منذ شهر قبل شراء الذي الدار في يديه، فإنه خصم يقضى له بالدار وينتقض البيع الثاني، وإن كان شهود المدعي لم يشهدوا على قبض البائع الثمن، فإن الحاكم يأخذ منه الثمن فيكون عنده للبائع ويسلم الدار.
قال هشام: سألت محمداً عن رجل اشتريت منه جارية ونقدته الثمن، وقبضت الجارية فاستحقها مني إنسان ببينة، وقضى القاضي بها للمستحق، فأحضرت الذي باعنيها، فقال: يخير المشتري إن شاء (قبله) ولي الخصومة، وإن شاء رده بالثمن على البائع، وإن قال المشتري: أقف أمري ويلي البائع الخصومة ليس له ذلك.
رجل أقر بدار في يديه أنها لفلان سمى رجلاً غائباً غيبة منقطعة، وأنه أمر فلاناً أن يحفظها على المقر له، ثم أن ذلك الرجل جعلها على يدي، وقد مات، فالمجهول بيده يكون خصماً لكل من ادعاها، إلا أن يقيم البينة على أن الغائب فلان بن فلان، وقد أثبتوا معرفته دفعتها إلى الميت الذي دفعها إلى هذا الذي هي في يديه وغاب، فإذا أقام على ذلك بينة، فلا خصومة بينه وبين المدعي، قال: ولا أجعله وصياً إلا فيها خاصة في قول محمد فأما في قياس قول أبي حنيفة: ينبغي أن يكون وصياً في كل شيء.
رجل ادعى على رجل أن له على فلان ألف درهم، وأنه مات قبل أن يؤديها إليه، وأن له في يديك من ماله ألف درهم، وطالبه بقضاء الدين من ذلك المال، فالقاضي لا يسمع دعواه، ولا يقبل بينته، ولو طلب من القاضي أن يحلف المدعى عليه، فالقاضي لا يحلفه، وهذا لأن الدعوى إنما تسمع على الخصم والمدعى عليه ليس بخصم له في هذه الصورة؛ لأنه لا يدعي عليه ولا في يده شيئاً، وإنما يدعي ديناً على الغير؛ لأنه ليس بخلف عن ذلك الغير ليسمع الدعوى عليه بطريق الخلافة، فلا يسمع دعواه، وإذا لم يسمع دعواه لا يسمع بينته، ولا يحلف المدعى عليه.
رجل ادعى عمامة في يدي رفّاء وقال: هذه عمامتي بعثت بها على يد تلميذي إليك لتصلحه، وأنكر الرفَّاء أن تكون العمامة للمدعي، لا تصلح هذه الدعوى من هذا المدعي؛ لأنه مقر أن العمامة وصلت إلى يد الرفاء من جهة الغير، فلم تكن يد الرفاء يد خصومة بحكم إقراره هذا إذا استحق مال المضاربة.
فإن كان فيه ربح فالمضارب خصم بقدر حصته من الربح، ولا يشترط حضرة رب المال، وإن لم يكن فيه ربح فالخصم رب المال دون المضارب، وإن كان مال المضاربة ألفاً فاشترى المضارب بها عبدين أو جاريتين قيمة كل واحد منهما ألف، فإن هاهنا لا يظهر الربح، ويكون الخصم فيها رب المال، ويشترط حضرته عند استحقاق أحدهما.
هشام قال: سمعت محمداً يقول في رجل على طريق من طرق المسلمين نافذ فبنى فيه أو زرع، ثم خرج، ودفعه إلى إنسان، فجاء أهل الطريق وخاصموه، فأقام الذي في يديه بينة أنها في يدي فلان وكله به ودفعه إليه، قال: إن كان طريقاً مما يشكل ولا يعلم أنه طريق إلا ببينة فلا خصومة بينهما حتى يحضر الدافع، وإن كان شيئاً لا يشكل فهو خصم.