للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سببه، وإنما بقي في يد المشتري مما هو مقبوض بالسبب الفاسد نصف النصف وهو الربع، فلهذا رد المشتري عليه ربع الإبريق، ورد البائع عليه نصف الدينار حصة ما استحق مما هو مملوك بالسبب الصحيح، ولا يثبت للمشتري الخيار، وإن صار البائع شريكاً له في الإبريق؛ لأنه رضي بهذه الشركة لما لم ينقد الدينار الآخر مع علمه؛ لأن للبائع أن يأخذ نصف الإبريق، فصار راضياً بالشركة.

ولو أن رجلاً اشترى من رجل عبداً بصفقة واحدة نصفه بمئة دينار حالة، ونصفه بمئة دينار إلى العطاء، فقبض المشتري العبد، وغاب البائع، فحضر رجل وأقام البينة أن له نصف العبد كان الجواب في هذه المسألة، والجواب في المسألة الأولى سواء في الفصول كلها؛ لأن هاهنا فسد نصف السبب وصح نصفه، فملك كل العبد نصفه بسبب فاسد ونصفه بسبب صحيح كما في مسألة الإبريق، لمكان الافتراق قبل قبض بعض بدل الصرف، أمافيما عدا ذلك هذا، والأول سواء ولا يتعدى الفساد إلى النصف الثاني عند أبي حنيفة، وإن كان الفساد في أحد النصفين بسبب مقارن للعقد إلا أن النصف المقارن هاهنا غير متقرر، ولهذا لو أسقطا الأجل بقي العقد صحيحاً، وإنما تقرر عند حلول الأجل، فكان المفسد طارئاً معنىً، وإن كان مقارناً صورة.

ولو اشترى نصف عبد من رجل وأودعه البائع النصف الآخر، وغاب البائع، ثم جاء رجل وادعى نصف العبد، وأقام البينة وأقام ذو اليد بينة على أنه اشترى من فلان نصفه، وأودعه فلان بعينه نصفه، لم تصح الدعوى ولم يصر المشتري خصماً؛ لأنا لو صححنا هذه الدعوة ابتداءً أبطلناه انتهاءً، ولو جعلنا المشتري خصماً في الإبتداء أخرجناه من أن يكون خصماً في الإنتهاء.

بيانه: أنا لو قضينا عليه بالنصف تبين أن العبد كان مشتركاً بين البائع وبين المستحق، وإن بيع البائع انصرف إلى نفسه والإيداع في النصف المقضي به، ويد الوديعة ليسست بيد خصومة، ولو كان اشترى نصف العبد من رجل، وأودعه رجل آخر نصف العبد والمسألة بحالها كان ذو اليد خصماً في الربع في الابتداء ألا يخرجه من أن يكون خصماً في الانتهاء.

بيانه: هو أنا إن صححنا هذه الدعوة، ظهر أن العبد كان بين المستحق وبين البائع والمودع أرباعاً، النصف للمستحق، والربع لكل واحد منهما، فانصرف بيع الذي باع في الربع إلى ما يملكه، فإذا أقام ذو اليد بينة أن فلاناً باعه نصفه، وفلان آخر أودعه نصفه، ودعوى المستحق واقعة فيهما على سبيل الشيوع، كان الاستحقاق وارداً على نصف ما ورد عليه البيع وعلى نصف ما ورد عليه الإيداع، فينتصب المشتري خصماً فيما ورد عليه الاستحقاق من البيع، وذلك قدر الربع لا في ما ورد الاستحقاق عليه من الوديعة، فلهذا كان المشتري خصماً في نصف ما اشترى وهو الربع، فإذا حضر البائع كان خصماً للمستحق في الربع الآخر، ورجع المشتري على بائعه بنصف الثمن؛ لأنه لم يسلم له من المبيع إلا نصفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>