للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو أن رجلاً اشترى من رجل نصف عبد ثم اشترى منه نصفه الآخر أحدهما صحيح، والآخر فاسد، أو كانا صحيحين أو كانا فاسدين، ثم جاء رجل وادعى عليه نصف العبد وأقام البينة، فالمشتري خصم له ويقضي القاضي عليه بالنصف الباقي، يعني النصف الذي ورد عليه البيع الثاني، لأن المدعي لما أقام البينة انصرف إلى ملك البائع صحيحاً كان أو فاسداً، وانصرف البيع الثاني إلى نصيب المستحق وصاحب اليد يدعي الملك في هذا النصف الثاني، فكان خصماً لمن نازعه، ولو كان البيع الأول صحيحاً والبيع الثاني بميتة أو دم أو خمر لم يكن بينهما خصومة حتي يحضر البائع، لأن المشترى بدم أو ميتة غير مملوك بالاتفاق، وإنما اختلفوا أنه مضمون أو أمانة.

قال محمد رحمه الله: هو مضمون، ولما كان هكذا فالمشتري لا يدعي الملك لنفسه في النصف المشترى بالميتة والدم والخمر، فلا يكون خصماً لمن نازعه، بخلاف الوجه الأول على ما مر.

وإذا ادعى على امرأة إنها أمته وهي تحت زوج، والزوج غائب فدعواه صحيحة ولا يشترط حضرة الزوج.

ذكر في آخر «الجامع» : مسائل في بعضها جعل المولى خصماً عن عبده، وفي بعضها لم يجعله خصماً عن عبده.

فقال: رجل ادعى على رجل أنه قطع يد عبده فلان خطأ وله عليه نصف قيمته وذلك خمسمئة مثلاً أو ادعى أنه زوج أمته فلانة منه، وله عليه المهر والعبد، والأمة حيان غائبان، فقال المدعى عليه: نعم لكن أعطيك الأرش والمهر مخافة أن يحضر العبد والأمة فينكران الملك لك فيضمناني.

فالقاضي يلزمه المهر والأرش بإقراره؛ لأنه أقر له بالملك واستحقاق اليد، أما الملك فلأن ملك الرقبة يوجب ملك الأرش والمهر لا محاله إذ يستحيل أن يكون العبد والجارية مملكان لإنسان، وأرش اليد والمهر لغيره، وأما استحقاق اليد فلأن اليد على آخر العبد والإماء للموالي لا للعبيد والإماء.

ألا ترى أن من ادعى حقاً في عبد إنسان، فالعبد لا ينتصب خصماً له وإنما ذلك للمولى، ألا (٢٠٩أ٤) ترى أن في عين مسألتنا حق الخصومة في الأرش والمهر للمولى، وإن كان العبد والأمة دين بدليل أنه لو كان الأمر معايناً، فالمولى هو الذي يقبض ذلك، وسلم إلى الغرماء فثبت أنه أقر بالملك واستحقاق اليد للمولى في الأرش والمهر، فيؤمر بالتسليم إليه كما في سائر الأعيانز

وكذلك الجواب فيما إذا قال: المهر عرضاً من العروض؛ لأن المعنى لا يتفاوت، وإن كان للعبد وديعة ألف درهم عند هذا الرجل، أو غصب هذا الرجل ألف درهم من هذا العبد، أو كان للعبد ألف درهم على هذا الرجل من قرض أو بيع، فأقر الذي عنده المال أن الذي دفع إليه المال عبد هذا الرجل، وصدقه المقر له، لا سبيل للمقر له على ذلك المال؛ لأن المقر له لم يقر له لا بالملك، ولا باليد، أما بالملك؛ لأنه ليس من ضرورة كون العبد الدافع ملكاً له أن يكون ما في يده ملكاً له لجواز أن يكون وديعة أو غصب عند العبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>