للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصح فصار الثابت بالإقرار كالثابت بالبينة، ولو ثبت بالبينة أن العبد للمقر له، وقضى القاضي له بالعبد.

ثم أقام مدعي الشراء بينة أن العبد كان لصاحب اليد، وأنه اشتراه منه، وقضى القاضي لمدعي الشراء كان المقضي عليه المقر له دون ذي اليد؛ كذا هاهنا.

بخلاف الفصل الأول والثاني؛ لأن ثمة إقرار ذي اليد لم يصح في حق المدعي أصلاً، لأنه لو صح بطل ما أقام المدعي من البينة، فيتضرر به المدعي بإعادة البينة، أما هاهنا فبخلافه.

قال محمد رحمه الله: في دار في يدي رجل فأقام رجل البينة أنها داره اشتراها من ذي اليد، ونقده الثمن، وقبض الدار، وأقام الذي في يديه بينة أنها دار فلان أودعنيها، فلا خصومة بينهما وهي المسألة التي تشهد للقضاة الثلاثة في مسألة العبد، ولو لم يشهد شهود المدعي على قبض المبيع، وباقي المسألة بحالها، لم تندفع الخصومة عن ذي اليد، ويقضي القاضي بالبيع عليه، ويأمره بتسليمها إلى المدعي.

قال: ولو ادعى الشراء على صاحب اليد، الشراء، والقبض وصدقه صاحب اليد في ذلك، ثم ادعى صاحب اليد أنها وديعة لفلان وأقام البينة، فلا خصومة بينهما؛ لأن الثابت بتصادقهما كالثابت بالبينة، ولو ثبت الشراء والقبض بالبينة، وباقي المسألة بحالها قد ذكرنا أنه لا خصومة بينهما، فكذا إذا ثبت بالتصادق.

ولو ادعى المشتري على صاحب اليد الشراء بدون القبض، وصدقه صاحب اليد في ذلك، ثم أقام صاحب اليد بينته على أنها وديعة عنده من جهة فلان، لا تندفع عنه الخصومة لأنه لو ثبت الشراء بدون القبض بالبينة، وباقي المسألة بحالها؛ لا تندفع الخصومة عن صاحب اليد؛ فكذا إذا ثبت بالتصادق.

يوضح الفرق بينهما: أن تصديق صاحب اليد المدعي في الشراء والقبض لا يناقض دعواه الإيداع من الغائب لجواز أنه اشتراها من صاحب اليد، ثم أجرها من الغائب أو رهنها منه، أو باعها منه، ثم إن الغائب أودعها من صاحب اليد، وإذا لم يوجب ذلك تناقضاً في دعواه الإيداع من الغائب لا يمنع ذلك سماع دعوى الإيداع من الغائب.

أما تصديق صاحب اليد المدعي في الشراء بدون القبض يناقض دعواه الإيداع من الغائب؛ لأن المشتري لا يملك التصرف في الميراث قبل البيع، فبعد البيع منه قبل التسليم لا يتصور الإيداع من الغائب، فيكون هو متناقضاً في هذه الدعوى، فلا تسمع دعواه؛ حكي هذا الفرق عن القاضي الإمام أبي عاصم العامري.

لكن هذا الفرق إنما يستقيم على قول محمد رحمه الله، لأن وضع المسألة في الدار، والتصرف في العقار قبل القبض إنما لا يجوز على قول محمد، أما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف؛ التصرف في العقار قبل القبض جائز، فلا يستقيم هذا الفرق على قولهما.

وإذا ادعى داراً في يدي رجل أن صاحب اليد وهبها منه أو أجرها منه، أو رهنها منه، أو تصدق بها عليه، وأنه قبضها منه؛ وأقام ذو اليد البينة أنها دار فلان أودعها إياه،

<<  <  ج: ص:  >  >>