له، كان ذلك دفعاً لبينة الوارث، وأما إذا قال شهود المدعى عليه: إن الوارث قال: مات أبي والدار ليست له، لأنه وهبها لي في حياته وصحته، وباعها في حياته وصحته، لم يكن ذلك دفعاً لبينة المدعي؛ لأن الثابت بالبينة العادلة كالثابت عياناً.
ولو (٢١٧أ٤) عاينا إقرار الوارث أن أباه مات وهذه الدار ليست له، لأنه وهبها لي، وباعها مني في حال حياته وصحته، ثم ادعى الميراث من الأب بعد ذلك؛ تسمع دعوى الميراث منه، لأن التوفيق بين الكلامين ممكن، لأنه يمكنه أن يقول: لي تلك الهبة أو البيع، وعجزت عن إثباته بالبينة فبقيت الدار على ملك الأب ظاهراً، أو صار ميراثاً لي عنه ظاهراً، وقد مرَّ جنس هذا في كتاب الشهادات، يوضح ما ذكرنا: أن الكلام تم بآخره.
وإذا وصل بقوله: مات أبي والدار ليست له؛ لأنه باعها مني، علمنا أنه لم يرد بأول الكلام نفي ملك الأب من الأصل، فيمكنه دعوى الميراث بعد ذلك، بخلاف ما إذا قال: ليست لأبي وسكت، لأن ظاهر هذا الكلام، يوجب نفي الملك للأب فيه من الأصل فلا يمكنه دعوى الميراث بعد ذلك.
دار بيدي رجل؛ جاء رجل وادعى أن أباه مات وترك هذه الدار ميراثاِ له، وأقام بينة شهدوا أن أباه مات، وهذه الدار في يديه، وأخذ هذا الرجل هذه الدار من تركته بعد وفاته، أو شهدوا أن هذا الرجل أخذ هذه الدار من أبي هذا المدعي حال حياته، وأقام ذو اليد البينة أن الوارث، أو أبوه أقر أن الدار ليست له، فالقاضي يقضي بدفع الدار إلى الوارث؛ لأن ما أثبته ذو اليد بالبينة من إقرار الوارث، أو المورث أن الدار ليست له.
لو كان معايناً للقاضي، فذلك لا يمنعه من إثبات الأخذ بطريق الغصب من يده على ذي اليد بالبينة؛ فكذا إذا ثبت ذلك ببينة ذي اليد، والمعنى في ذلك أن الجمع بين الكلامين يمكن بأن يقول الوارث: قد أقررت أن الدار ليست لأبي وإنما هي لغيره؛ إلا أن ذا اليد غصبها من أبي، فلزمه الرد بعد وفاة أبي عليَّ كما كان يلزمه الرد على أبي حال حياته، لأني قائم مقام أبي في حياته، فصار استحقاق هذه الدار ميراثاً لي، فإذا أمكنه الجمع بينهما لم تكن بينة ذي اليد مبطلة بينة المدعي.
ادعت المرأة على ورثة زوجها المهر والميراث؛ فقال الورثة في دفع دعواها: إن أبانا قد حرمها على نفسه قبل موته بسنتين، قالت هي في دفع دعواهم: إن الزوج أقر في مرض الموت بأني حلال عليه؛ فهذا دفع صحيح.
ادعى داراً في يدي رجل ميراثاً عن أبيه، وأقام المدعى عليه بينة أنه اشترى هذه الدار من هذا المدعي، فقال المدعي في دفع دعوى المدعى عليه: قد كنا أقلنا البيع الذي كان بيننا فهذا دفع لدعوى المدعى عليه.
مات الرجل وترك أولاداً صغاراً وكباراً، فكبر الصغار وادعوا داراً في يدي رجل ميراثاً عن أبيهم فادعى المدعى عليه في دفع دعواهم: إني اشتريت حصة الكبار منهم، وحصة الصغار من وصيهم من جهة أبيهم، أو من جهة القاضي بثمن مثله، أو بغبن يسير