فقد ذكر محمد في المزارعة مسائل اعتبر فيها إثبات الزيادة صورة، وإن كان فيها إفساد العقد معنىً، فمن جملتها.
إذا ادعى أحد المتعاقدين أنه شرط له النصف وزيادة، وادعى الآخر أنه شرط له النصف، وأقاما على ذلك بينة، فالبينة بينة مدعي الزيادة، ويثبت به فساد المزارعة، واعتبر إثبات الزيادة من حيث الصورة، كذا هاهنا.
رجل ادعى ضيعة في يدي رجل أنك اشتريتها مني، وكنت مكرهاً على البيع والتسليم، وأقام على ذلك بينة، وأراد استرداد الضيعة، فقال المدعى عليه: كان الأمر كما قلت، إلا أن بعدما زال الإكراه بعت هذا البيع مني، يكون على طوع ورضى وأقام على ذلك بينة، فالقاضي يقضي ببينة المدعى عليه، وتندفع دعوى المدعي حتى لا يكون للبائع حق الاسترداد، لأن ببينة المدعي ثبت أن المشتري اشترى شراءً فاسداً، فالمشتري شراءً فاسداً (٢١٨أ٤) إذا اشتراه المشتري شراءً صحيحاً ينفسخ الشراء الفاسد، ويبطل حق البائع في الاسترداد، كذا هاهنا.
رجل ادعى ضيعة في يدي رجل أنها ملكه اشتراها من الذي في يديه بكذا، وقال المدعي في آخر دعواه: وهكذا أقر الذي في يديه بشرائي إياها منه، فقال المدعى عليه في دفع دعواه: إني كنت مكرهاً في الإقرار بالبيع.
فقد قيل: بأن هذا لا يكون دفعاً وبه كان يفتي الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني رحمه الله، وكان يقول يحتمل أنه كان طائعاً في البيع مكرهاً في الإقرار بالبيع إكراهاً لا يوجب خللاً في البيع حتى لو أقام البينة على كونه مكرهاً في الإقرا والبيع جميعاً كان الدفع صحيحاً.
نوع آخر في دعوة الدين
إذا قال المدعى عليه في دعوة الدين: أنا أجيء بالدفع، فقال له القاضي: الدفع يكون بالإبراء أو بالإيفاء فأيهما يدعي، قال كلاهما: هل يكون هذا تناقضاً، حكي عن الشخ الإمام نجم الدين النسفي رحمه الله أنه قال: لا يكون تناقضاً إذا وفق وبين وجه التوفيق.
ووجه التوفيق أن يقول: أوفيت بعضه وأبرأني عن بعض، أو يقول: أوفيت الكل، فجحدني فتشفعت إليه فأبرأني، أو يقول: أبرأني ثم جحد الإبراء، فأوفيت، وقيل: لا يكون متناقضاً، ولا يبطل دعواه وإن لم يوفق؛ لأن مع إمكان التوفيق لا يتحقق التناقض، فيحمل عليه صيانة للدعوة عن البطلان، وهذا القول يشير إلى أن إمكان التوفيق يكفي.
رجل ادعى على غيره ديناً فأنكر المدعي عليه ذلك، فأقام المدعي بينة على أنك استمهلتك هذا المال منك عشرة أيام، وذلك إقرار منك بهذا المال عليك.
وقال المدعى عليه في دفع دعواه: إنك أبرأتني عن هذا المال منذ عشرين يوماً، وأقام على ذلك بينة، فهذا لا يكون دفعاً، لأن ببينة المدعي ثبت إقرار المدعى عليه