للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل ادعى على رجل آخر مئة منَ من دهن السمسم بسبب صحيح، فقال المدعى عليه في دفع دعواه: إنه يبطل في هذه الدعوى لأني قد كنت أعطيته عوض هذا الدهن ديناراً من الذهب الأحمر؛ لجواز أن الدهن قد وجب بسبب السلم، فإذا أخذ عوضه ديناراً، فقد استبدل بالمسلم فيه والاستبدال بالمسلم فيه قبل القبض لا يجوز، ويبقى الدهن في ذمته على حاله، فلا يصح الدفع، وإن كان الدهن مبيعاً بأن اشترى مقداراً معيناً من الدهن، فإذا أعطاه عوض ذلك من الذهب، وهو قائم بعينه كان بائعاً المبيع قبل القبض، فإنه لا يجوز فلا يصح الدفع أيضاً، فلهذا شرطنا بيان السبب.

وإذا جعل الرجل أمر امرأته بيدها على أنه متى لم تصل إليها نفقتها في وقت كذا؛ فهي تطلق نفسها متى شاءت، ثم إن المرأة أرادت أن تطلق نفسها بعد مضي ذلك الوقت، ووقع الاختلاف بينها وبين زوجها في وصول النفقة، وعدم وصولها في ذلك الوقت، فقالت المرأة في دفع دعواه: إنه أقر أنه لم يدفع إليها نفقتها، فهذا لا يكون دفعاً لجواز أنه دفع إليها وكيله حتى لو قالت المرأة: إنه أقر أنه لم تصل إليها نفقتها، وأقامت على ذلك بينة كان ذلك دفعاً صحيحاً.

رجل ادعى على آخر أنه لكز أبي ومات من لكزه، وأقام على ذلك بينة، وأقام الضارب بينة أن أباه قد صح من لكزه، وبرىء من ضربه.

فقد قيل: هذا دفع لدعوى المدعي، وقيل أيضاً: يجب أن يكون الجواب فيه على التفصيل: إن كان المدعي ادعى أنه لكزه، ومات من تلك اللكزة، وشهود شهدوا كذلك فهذا دفع لدعوى المدعي، فإن كان ادعى أنه لكزه ومات من لكزه، فهذا لا يكون دفعاً لدعوى المدعي، ويقضى عليه بالضمان، وهذا من باب العمل بالبينتين؛ يجعل كأنه لكزه، وبرىء من لكزه ثم لكزه ثانياً، ومات منه.

وهو نظير ما قال محمد رحمه الله في كتاب الغصب: إذا أقام الغاصب بينة أنه رد الدابة المغصوبة على المالك، وأقام المالك بينة أنها ماتت من ركوب الغاصب، فالقاضي يقضي على الغاصب بالضمان، وكان ذلك من باب العمل بالبينتين، بأن يجعل، كأن الغاصب ردها على المالك ثم ركبها ثانياً؛ كذا في مسألتنا.

في «فتاوى النسفي» رحمه الله: سئل عمن ادعى على آخر: إني رهنت منك كذا عيناً سماه ووصفه بكذا، وطلب منه إحضار الرهن ليقضي ما له عليه من الدين، ويرد الرهن عليه، والمدعى عليه ينكر الرهن والارتهان، فجاء المدعي بشاهدين على الرهن، وجاء المدعى عليه بشاهدين شهدا أن المدعى عليه اشترى هذه العين من هذا المدعي بكذا ونقده الثمن، وقبض المشتري بتسليمه، فهذا دفع لدعوى المدعي، ويقضي ببينة صاحب اليد لأن بينته أكثر إثباتاً، لأن الشراء آكد من الرهن.

رجل أخذ دابة من يدي رجل وهلكت في يده، فجاء الذي كانت الدابة في يده إلى القاضي، وادعى على الذي أخذ الدابة من يده أنه أخذ دابته بغير حق، وهلكت في يده، وأقام الآخذ بينة أني أخذتها بحق لما أن الدابة ملكي، وكانت في يد صاحب اليد بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>