له ويبطل بينة صاحبه؛ لأن بينة المقر له ظهر أن بينة صاحبه قامت على مودع المقر له، وهو ليس بخصم، والبينة متى قامت على غير خصم كان باطلاً.
فإن قيل: بينة المدعي متى قامت على المودع، المقر له إنما يبطل إذا كان المقر له غائباً وقت إقامة البينة على مودعه، أما إذا كان حاضراً كانت مقبولة كما فيما تقدم، ويكون إقامة البينة على مودع المقر له، وههنا المقر له كان حاضراً وقت إقامة المدعي البينة.
قلنا: المقر له وإن كان حاضراً وقت إقامة البينة على الذي كان العبد في يديه حقيقة ههنا، لكنه غائب حكماً؛ لأنه ليس بخصم للمدعي وقت إقامة البينة على الذي كان العبد في يديه حقيقة ههنا لكنه غائب حكماً لأنه ليس بخصم للمدعي وقت إقامة البينة، لأنه لم يكن للمقر له في العبد لا ملك ولاحق، ولم يثبت له زيادة خصوصية بهذا العبد من بين سائر الأجانب، وهو كونه بحال لو أقام شاهداً واحداً يقضى له، فصار غائباً حكماً بخلاف ما تقدم، لأن ثمة إن لم يكن للمقر له حقيقة الملك، ولا حق الملك بإقامة الشاهد الواحد، ولكن له زيادة خصوصية في هذا العبد من بين سائر الأجانب، لأنه صار بحال يستحق هذا العبد بإقامة شاهد واحد، فكانت خصوصية معتبرة، واعتباره بخلاف ما نحن فيه على مامر، فإن قال غير المقر له: أنا أعيد شهودي على المقر له، هل تقبل بينته، فهذا على وجهين: إن كان ذلك بعد ما قضي ببينة المقر له، لا تسمع بينته؛ لأنه صار مقضياً عليه ببينة المقر له، وإن كان ذلك قبل القضاء ببينة المقر له، قبلت بينته؛ لأنه لم يصر مقضياً عليه، ثم يقضى له بجميع العبد، لأنه أعاد البينة فقد أبرأ ذا اليد عن الخصومة ورضي بنفاذ إقراره، واستأنف الخصومة مع المقر له على ما مر، فتقررت يد المقر له، واجتمع بينة الخارج وبينة ذي اليد، فكانت بينة الخارج أولى.
قال محمد رحمه الله في «لجامع» : دار في يدي رجل ادعاها رجل أخر، قال الذي في يديه الدار: أنها كانت للمدعي وفلان أودعنيها، وأقام البينة على ذلك، فلا خصومة بينهما فإقرار صاحب اليد أنها كانت للمدعي، لا يناقض دعواه الإيداع من فلان الآخر، لأن الجمع بينهما ممكن، فلعل أنها كانت للمدعي ثم صارت لفلان الآخر بوجه من الوجوه، ثم إن فلاناً أودعها صاحب اليد، وإذا لم يكن بين الكلامين تناقض يجب قبول بينته على ما ادعى من الإيداع، وإن لم يقم البينة على ما ادعي، لا تندفع عنه الخصومة لأنه أقر بالملك للمدعي، وتوجهت عليه الخصومة باعتبار يده، ولم يثبت ما يخرجه من الخصومة، وهو كونه مودعاً من جهة غيره فلا تندفع الخصومة عنه ويؤمر بتسليمها إلى المدعي بحكم إقراره، فإن حضر فلان وصدق صاحب اليد فيما قال، لا ينزع الدار من يد المدعي حتى يقيم الحاضر بينة أنها له، لأن صاحب اليد أقر بالدار للمدعي أولاً، وصح إقراره من حيث الظاهر، وصارت مستحقة للمدعي وإنما أقر للغائب بعد ذلك، فكان الإقرار للغائب لاغياً ملك المدعي، فلا يصح ويقال للغائب: إن شئت أن تأخذ الدار من المدعي أقم البينة عليه.