بل يسوي وقال محمد رحمه الله: يستحب تطويل الأولى كما في الظهر والعصر والعشاء.
نوع آخر في القوم يصلون التراويح قعوداً
اعلم بأن هذا النوع على وجوه:
الأول: أن يصلي الإمام والقوم جميعاً التراويح قعوداً من غير عذر، والكلام فيه في موضعين في الجواز وفي الاستحباب. أما الكلام في الجواز فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا يجوز؛ لأنها سنّة فصار كركعتي الفجر، وقال بعضهم: يجوز وهو القائل بفرق بين التراويح وبين سنّة الفجر.
والفرق: أن هذه نافلة لم تختص بزيادة تأكيد، فأشبهت سائر النوافل بخلاف ركعتي الفجر. وعلى قول من يقول بالجواز يكون ثوابه على نصف ثواب القائم، هكذا حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله، وأيضاً الكلام في الاستحباب بلا خلاف أنه لا يستحب؛ لأنه (٧٣أ١) خلاف المتوارث، وخلاف عمل السلف.
الوجه الثاني: أن يصلي القوم والإمام جميعاً قعوداً بعذر، وإنه جائز بغير كراهة، والكلام فيه ظاهر.
الوجه الثالث: أن يصلي الإمام التراويح قاعداً بعذر أو بغير عذر، واقتدى به قوم قيام، والكلام فيه في موضعين أيضاً، في الجواز والاستحباب، أما الكلام في الجواز فقد اختلف المشايخ فيه: قال بعضهم على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لا يجوز بناءً على اختلافهم في اقتداء القائم بالقاعد في الفرض.
ومنهم من قال يجوز الاقتداء إجماعاً، قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمة الله عليه هو الصحيح، وإذا صح الاقتداء على الوفاق على قول هؤلاء هل يستحب للقوم القيام؟ اختلفوا فيما بينهم، قال بعضهم: لا يستحب احترازاً عن صورة المخالفة، وقال بعضهم عن قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهما يستحب القيام، وعلى قول محمد يستحب القعود.
وذكر أبو سلمان عن محمد رحمهما الله: في رجل أم قوماً في رمضان جالساً أيقومون؟ يعني القوم قال: نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، فبعض مشايخنا قالوا: إن محمداً خص قول أبي حنيفة وأبي يوسف في بيان حكم الجواز، يعني على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله: يجوز لقوم أن يصفوا قياماً، والإمام قاعد وتخصص قولهما في بيان حكم الجواز دليل على أنه لا يصح اقتداؤهم به عند محمد رحمة الله عليه، وبعض مشايخنا قالوا خص قوليهما في بيان حكم الاستحباب يعني يستحب لهم القيام عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله.
وعند محمد رحمه الله لا يستحب، وهذا لأن عند محمد رحمه الله الاختلاف بين الإمام والقوم في القيام والقعود اختلاف معتبر حتى يمنع الفرض من الجواز، فيمنع النفل في الاستحباب أيضاً.