فيما إذا صلى ترويحة واحدة أو أكثر أو أقل بتسليمة واحدة.
يجب أن يعلم بأن هذه المسلة على وجهين:
الأول: أن يقعد على رأس الركعتين، في هذا الوجه اختلاف المشايخ، قال بعض المتقدمين: لا يجزئه إلا عن تسليمة واحدة، وقال بعض المتقدمين، وعامة المتأخرين: إنه يجزئه عن تسليمتين، قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله: لأنه أكمل ولم يجد بشيء إنما جمع المتفرق، واستدام التحريم، وإنه لا يؤثر في المنع في الجواز.
ألا ترى أن من أوجب على نفسه أن يصلي أربع ركعات بتسليمتين فصلى أربعاً بتسليمة واحدة، وقعد على رأس الركعتين يجوز عن جميع ما أوجبه على نفسه، كذا ها هنا. روى ذلك أصحاب «الأمالي» عن أبي يوسف رحمة الله عليه.
ولو صلى ستاً أو ثمانياً بتسليمة واحدة، وقعد على رأس كل ركعتين لم يجزئه إلا عن ركعتين في قول بعض المتقدمين، وبعض المتقدمين وعامة المتأخرين الذين قالوا بالجوار عن تسليمتين إذا صلى أربعاً وقعد على رأس الركعتين اختلفوا فيما بينهم، عامتهم على أنه يجزئه كل ركعتين عن تسليمه تسليمتين؛ لأنه أكمل كل ركعتين بالقعود في آخرهما، وسائر الأفعال والتسليم قطع، وخروج، وليس بمقصود.
وقال بعضهم: متى صلى عدداً بتسليمة واحدة، وهي مستحبة في صلاة الليل، وكل ركعتين من ذلك يجزىء عن تسليمة واحدة، ومتى صلى بتسليمة واحدة عدداً بعضها مستحبة في صلاة الليل، وبعضها غير مستحبة في صلاة الليل فإنما يجزئه عن القدر المستحب؛ لأنه في الزيادة مسيء، فكيف ينوب..... عن التراويح وما كان في..... اختلاف كان في هذا اختلاف أيضاً.
فعلى هذا إذا صلى ستاً أو ثمانياً بتسليمة واحدة، وقعد على رأس كل ركعتين قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: يجزئه عن تسليمتين؛ لأن عندهما الزيادة على الأربع في صلاة الليل بتسليمة واحدة مكروهة، فلا تنوب الزيادة عن التراويح، وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: فيما إذا صلى ستاً يقع ذلك عن ثلاث تسليمات باتفاق الروايات؛ لأن عنده إلى الست بتسليمة واحدة لا تكره باتفاق الروايات.
وفيما إذا صلى ثمانياً يقع عن أربع تسليمات على ما ذكر في «الأصل» وعلى ما ذكر في «الجامع الصغير» يقع عن ثلاث تسليمات، وعلى ما قاله بعض المشايخ: إنه ليس في المسألة اختلاف الروايتين، ولكن طول في الأصل وأوجز في «الجامع» يجوز عن أربع تسليمات.
ولو صلى عشر ركعات بتسليمة وقعد في كل ركعتين، فعلى قولهما: يجوز عن أربع ركعات، وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله في الروايات الظاهرة يجوز عن أربع تسليمات؛