للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها وإن كانت مسلمة؛ لأنها ادعت أنها صارت أم ولد له، فكانت هذه شهادة ذمي قامت للمسلم على الذمي.

الوجه الثاني: أن يدعي المولى وتجحد الأمة، وفي هذا الوجه لا تقبل الشهادة؛ لأن هذه شهادة ذمي قامت على المسلم، قال شمس الأئمة رحمه الله: تأويل المسألة في الوجه الثاني إنها تجحد المملوكية للمولى، أما لو أقرت بالمملوكية: فالمولى ينفرد بدعوة النسب وثبت نسب الولد منه، وتصير الجارية أم ولد له بإقراره ولا عبرة لتكذيبها.

ومما يتصل بهذا الفصل أيضاً في معرفة أم الولد فنقول:

أم الولد الجارية التي يستولدها الرجل بملك اليمين، أو استولدها بملك النكاح ثم اشتراها بعد ذلك، أو ملكها بسبب آخر، أو استولدها بشبهة ثم اشتراها بعد ذلك، أو ملكها بسبب آخر وهذا مذهبنا؛ وقال الشافعي: إذا استولدها بحكم النكاح ثم اشتراها لا تصير أم ولد له، وإذا استولدها بالزنا ثم ملكها؛ القياس أن تصير أم ولد له، وهو قول زفر في الاستحسان، ولا تصير أم ولد له، وهو قول علمائنا الثلاثة، والمسألة تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وكذلك إذا قال الرجل: تزوجت هذه الجارية وولدت مني، ولا يعلم ذلك إلا بقوله، وأنكر ذلك المولى الذي هي له، فإذا ملكها الذي أقر بهذا بعد ذلك تصير أم ولد له عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله.f

وإذا أسقطت أمة الرجل سقطاً استبان خلقه أو بعض خلقه تصير أم ولد له، وإن لم يستبن شيء من خلقه لا تصير أم ولد له عندنا.

وفي «المنتقى» : قال أبو يوسف: إذا أقر الرجل أن جاريته هذه قد أسقطت منه، فهذا إقرار أنها أم ولده، قال: إنما يقع اسم السقط على ما تبين خلقه؛ أما إذا لم يبن خلقه لا يسمى سقطاً، وقد ذكرنا هذه المسائل في كتاب العتاق.

نوع آخر في المسائل التي تتعلق بنفي الولد

قال محمد رحمه الله: إذا تزوج الرجل امرأة، وجاءت بولد لستة أشهر منذ تزوجها حران مسلمان، فادعى أحدهما أنه ابنه وكذبه الآخر فهو ابنه منها؛ لأن هذا الولد ولد النكاح القائم بينهما لما جاءت لستة أشهر منذ تزوجها، وولد النكاح ثابت النسب من صاحب النكاح لا ينتفي نسبه إلا باللعان.

وكذلك لو قال الزوج: هذا الولد كان لك من زوج قبلي، وقالت المرأة: بل هو منك، فهو ولد الزوج؛ لأنه ولد النكاح القائم بينهما، ولا حد على الزوج؛ لأنه لم يقذفها بالزنا، إنما نسبه إلى وطء حلال، فلا يوجب حداً ولا لعاناً.

ولو قال الزوج: ولدته من الزنا وكذبته، يلاعن بينهما، ويقطع نسب الولد من الزوج ويلحق بالأم، وإن صدقته فهو ابنهما؛ لأن اللعان لا يجري بين المتصادقين.

وإذا ولدت المرأة ولدين في بطن واحد وأقر الزوج بالأول منهما ونفى الآخر؛ فهما ابناه، ويلاعن بينهما لقطع النكاح؛ لأنهما لا يتجريان في حق ثبات النسب، فإذا أقر بأحدهما فكأنه أقر بهما، فإذا نفى الآخر بعد ذلك فكأنه نفاهما جميعاً، ولو أقر بهما ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>