نفاهما فإنهما يتلاعنان لقطع النكاح إن كانا لا يتلاعنان لقطع النسب فكذا ههنا.
فإن كان نفى الأول منهما وأقر بالثاني جلد الحد وكانا أثبته؛ لأنه لما نفى الأول فكأنما نفاهما، فإذا أقر بالآخر فكأنه أقر بهما، ولو نفاهما ثم أقر بهما لا يلاعن؛ لأنه أكذب نفسه، والملاعن إذا أكذب نفسه يجلد ولا يلاعن لما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى، وإذا امتنع اللعان بقيا ثابتي النسب من الزوج.
وإذا تزوج الرجل امرأة وجاءت بولدين فنفاهما الزوج، وقضى القاضي باللعان، فمات أحدهما يعني أحد الولدين قبل اللعان فهما ابنا الزوج، ويلاعن لقطع النكاح، وإنما كانا ابني الزوج (٢٢٤ب٤) لأنه تعذر قطع نسب الميت منهما باللعان، فيتعذر قطع نسب الحي تبعاً له فبقي نسبهما ثابتاً من الزوج.
فإن قيل: أمكن قطع نسب الحي باللعان فيمكن قطع نسب الميت تبعاً له.
قلنا: اعتبار جانب الحي يوجب قطع نسبهما واعتبار جانب الميت يوجب ثبوت نسبهما وقع الشك في القطع، والنسب كان ثابتاً فلا يقطع بالشك، وكذلك لو لم يمت واحد من الولدين، ولكن مات الزوج قبل اللعان فالولدان ثابتا النسب منهما؛ لأنه تعذر إقامة اللعان بعد موت أحد الزوجين.
وكذلك لو التعنا عند القاضي إلا أن القاضي لم يفرق بينهما، ولم يلزم الولد أمه حتى مات الزوج أو المرأة، فالولدان ثابتا النسب منهما؛ لأن بمجرد اللعان لا ينقطع نسب الولد من الزوج ما لم يقطعه القاضي، وتعذر قطع النسب بعد موت أحد الزوجين متعذر، فكذا قطع النسب من جملة اللعان، وإقامة اللعان بعد موت أحد الزوجين متعذر، فكذا قطع النسب الذي هو من جملة اللعان.
وإذا ولدت امرأة الرجل ولداً فنفاه الزوج، ولاعن القاضي بينهما وفرق بينهما، وألزم الولد أمه، ثم ولدت ولداً آخر في ذلك البطن، فإن الولدين يلزمان الأب؛ لأن نسب الثاني ثبت من الزوج لأنه لم يوجد فيه نفي ولا لعان، وثبات النسب الثاني يوجب ثبات نسب الأول.
فإن قيل: هلا اعتبرتم جانب القطع قلتم: قطع نسب الأول يوجب قطع نسب الثاني.
قلنا: اعتبار الثاني في حق النسب أولى من اعتبار الأول في حق القطع، لأنا إذا اعتبرنا الثاني في حق ثبات النسب، وثبت نسب الأول باعتبار الثاني كان في ذلك إبطال النفي في حق المنفي، وأنه جائز كما لو أكذب الملاعن نفسه.
ولو اعتبرنا الأول في حق القطع وانقطع نسب الثاني باعتبار الأول، فقد انقطع نسب الحبل باللعان، وقطع نسب الحبل باللعان غير مشروع، لكان اعتبار الثاني في حق إثبات النسب، وفيه إثبات أمر مشروع أولى من اعتبار الإقرار في حق القطع وفيه إثبات أمر غير مشروع، ولكن كانت ولدتهما جميعاً، وعلم بأحدهما ونفاه، ولاعن وألزمه القاضي أمه، وفرق بينهما، ثم علم بالآخر؛ فهما ابناه، لأن النسب الذي علم بعد ذلك