ثابت من الزوج لأنه لم يوجد في حقه نفي ولا لعان، ومن ضرورة ثبوت نسبه ثبوت نسب الآخر؛ لأنهما لا يختلفان في النسب لكونهما توأمان، فإن قيل: لم لا يجعل نسب أحدهما باللعان قطعاً في حق الآخر.
قلنا: اللعان يعتمد النفي في حق الآخر، ولم يوجد من حيث الصريح، أو جعل النفي موجوداً في حق الآخر إنما يجعل موجوداً من حيث المعنى، إلا أن النفي لا يثبت من حيث المعنى بل يعتمد الصريح، وإذا لم يوجد في حق الآخر نفي صريح لا يثبت اللعان في حق الآخر فكان الآخر ثابت النسب ما لم يقطع باللعان ثابتاً.
وأما اللعان ثانياً فتعذر لأن الزوجية انقطعت بها لفرقة بينهما، ولأن الذي انقطع نسبه باللعان يحتمل الثبوت منه بالإكذاب فالذي نفى ثابت النسب منه بعدما قضى القاضي بينهما بالفرقة فنسبه لا يحتمل النفي لأن انتفاء نسب ولد النكاح باللعان، واللعان بعد وقوع الفرقة ممتنع فكان الترجيح لجانب الإثبات.
ولو علم الثاني قبل أن يفرق القاضي بينهما فنفاه، فالقاضي يعيد اللعان بينهما لأجل الثاني، ويقطع نسبهما من الزوج لأن النفي في حق الثاني وجد صريحاً، وإقامة اللعان ممكن فيعاد اللعان ويقطع نسب الثاني من الزوج كما قطع نسب الأول.
وإذا أكذب الملاعن نفسه، وادعى نسب الولد بعدما فرق القاضي بينهما وألزم الولد أمه، إن كان الولد حياً ثبت نسب الولد منه لأنه بالإكذاب بطل اللعان، لأن اللعان شهادات، والشهادة تنفسخ برجوع الشاهد، وإذا بطل اللعان صار وجوده كعدمه، ولو عدم اللعان كان الولد ثابت النسب من الزوج؛ فكذا ههنا، ويقام عليه الحد لأنه ملاعن أكذب نفسه، والحكم في مثله الحد ثم يقام عليه الحد سواء كانت المرأة حية أو ميتة.
إن كانت حية فلا إشكال لأنه صار قاذفاً حية محصنة.
وإن كانت ميتة فلا بد أن يصير قاذفاً لها بالقذف السابق عند الإكذاب، فيصير قاذفاً لها وهي ميتة.
ومن قذف ميتة كان على القاذف الحد؛ وهذا إذا كان الولد حياً لأن الحي محتاج إلى أن يتشرف بالنسب ويتجمل به، فلا يصح دعوته، فإن ترك هذا الولد المنفي ابناً أو ابنة، أو ابن ابن فادعاه الملاعن صحت دعوته، لأن الميت إن استغنى عن النسب فولده محتاج إليه حتى يثبت نسبه من الحد فيتشرف به، وحاجة ولده وهو بعضه كحاجة نفسه.
ولو كان المنفي محتاجاً إلى النسب أليس أنه يصح دعوته، فكذا إذا كان بعضه محتاجاً إليه، ولو كان الولد المنفي ابنة، وتركت ابنة وابناً ثم أكذب الملاعن نفسه لم يصدق، ولم يرث في قول أبي حنيفة وفي قولهما يصدق ويرث.
فوجه قولهما: أن ولد الابن كما هو محتاج إلى نسب أبيه، فولد الابنة يحتاج إلى نسب أمه؛ لأن الإنسان كما ينسب إلى أبيه، وكما يتشرف بشرف الأب يتشرف بشرف الأم، ويصير كريم الطرفين فكان في الفصل الأول جعل بقاء ولد الولد المنفي كبقاء الولد المنفي، فكذا في هذا الفصل يجعل كذلك، ولأبي حنيفة رحمه الله: أن هذا الولد غير