للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراعاتهما فكان مراعاة حقيقة الملك أولى، فأما الثابت للبائع بحصول العلوق في ملكه قبل البائع حق استلحاق نسب الولد، لا حق تملك الجارية، فإنها كانت مملوكة على الحقيقة وقت العلوق، وهذا الحق مما لا يحتمل النقض؛ لأن الحق معتبر بالحقيقة حقيقة النسب، لا يحتمل النقض بعد ثبوتها، فكذا الحق وملك المشتري يحتمل النقض، ولا شك أن مراعاة ما لا يحتمل النقض أولى.g

قياس مسألة الأب من البائع: لو ادعى المشتري أنه أعتقه حتى ثبت حقيقة النسب أو الولاء الذي هو كلحمة النسب من المشتري، ولو كان هكذا كان مراعاة حقيقة النسب أولى من مراعاة حق النسب.

الفرق الثاني: أن طريق تصحيح دعوى الأب ولد جارية أبيه لما كان تقديم الملك للأب في الجارية على الوطء ليصير الأب مستولداً ملك نفسه.

فنقول: تقديم الملك للأب في الجارية على الوطء غير ممكن ههنا، لأن الأب يدعي ملكاً خفياً لينقض به ملكاً ظاهراً، لأن ملك المشتري في الجارية ظاهر وقت الدعوى، وملك الأب خفي وقت الوطء، ومن ادعى ملكاً خفياً لينقض به ملكاً ظاهراً لا تسمع دعواه، ألا ترى أن أبا البائع بعدما باع الجارية والولد؛ لو ادعى أن البائع قد كان باع الولد منه قبل أن يبيعه من هذا لا تصح دعواه، وإنما لا تصح لما قلنا بخلاف ما إذا ادعى البائع نسب الولد بنفسه؛ لأن ملك البائع في الجارية ظاهر وقت العلوق، وتيقنا أن العلوق حصل في ملكه؛ لأن موضوع المسألة في دعوى البائع فيما إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر إلا أنه لا يثبت نسب الولد بدون دعوته؛ لأن له في ولد جارية الابن حق الملك لكونه متولداً في ملكه، ويحتمل أن يكون هذا الولد من غيره، فلا يبطل حق ملكه عن الولد بالشك، وإذا ادعى فقد ارتفع هذا الشك، وتبين أن هذا الولد ولده، وأنه باع أم ولده، فهو معنى قولنا: إن ملك البائع ظاهر وقت العلوق، فجاز أن يقبل قوله وينقض ملك المشتري.

والدليل على الفرق بينهما: أن الجارية لو لم تكن في ملك الابن وقت العلوق بهذا الولد ثم اشتراه الابن، فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر حتى علم أن العلوق لم يكن في ملك المشتري، فادعى الولد أب المشتري لا تصح دعوته، ولو ادعاه المشتري صحت دعوته، فإذا وقع الفرق بين دعوى الأب ولد جارية الابن، وبين دعوى الابن ولد جاريته فيما إذا لم تكن الجارية في ملك الابن وقت العلوق، جاز أن يقع الفرق بين دعوتيهما إذا لم تكن الجارية في ملك الابن وقت الدعوى أيضاً.

الفرق الثالث: أن الأب بهذه الدعوى يدعي على الابن تملك الجارية عليه بالقيمة قبل البيع، وتملك الشيء بالقيمة في معنى الشراء، وليس له على ذلك دليل وقت الدعوى، فصار بمنزلة ما لو ادعى على الابن أنه قد كان اشترى هذه الجارية منه قبل البيع، فأما البائع بهذا البيع ليس يدعي تملك الجارية على المشتري، بل ينكر زوالها عن ملكه، لأنه يقول: صارت أم ولد لي، ولم يصح نفي فيها، وله على ذلك دليل ظاهر، وهو علوق الولد في ملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>