للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارية عن ملك الابن بالبيع، وبأن عادت الجارية إلى قديم ملك الابن في حقها، وفي حق الثالث لم يبين أنه لم يكن زائلاً عن ملكه، فلا يتبين أن حق التملك للأب لم يكن ساقطاً وهو المانع من صحة دعوى الأب؛ ألا ترى أن من اشترى شيئاً لم يره ثم رد عليه بقضاء قاض أو بخيار الرؤية، فإنه لا يعود خيار الرؤية للمشتري الأول، وإن عاد إلى قديم تملكه ولم يجعل كأنه لم يبع ولم يزل عن ملكه.Y

وألا ترى أن من اشترى داراً ووجب للمشتري فيها شفعة، ثم إن المشتري ردها بالعيب بقضاء قاض أو بخيار الرؤية كان للشفيع فيها حق الشفعة، وإن عاد إلى قديم ملك البائع، ولم يجعل كأن الدار لم تخرج عن ملك البائع، ولم تدخل في ملك المشتري قط.

وكذلك من اشترى منكوحة حتى فسد النكاح ثم ردها بالعيب بقضاء قاض أو بخيار الرؤية، فإنه لا يعود النكاح، وإن عاد إلى قديم ملك البائع، ولم تجعل كأنها لم تخرج عن ملك البائع، ولم يملكها المشتري، فكذا ههنا وجب أن يكون كذلك، وإذا بقي الزوال على حاله كان ولاية التملك منقطعاً فيما بينهما، فلم تصح دعوته.

فإن قيل: قد يشكل بخيار العيب، فإنه يسقط ببيع المشتري من غيره ثم يعود إذا عاد قديم ملكه، وجعل كأنه لم يبع ولم يزل عن ملكه قط حتى كان له الرد على بائعه، قلنا: نحن لا نقول بأن حقه في الرد بالعيب سقط بالبيع وكيف يسقط ولم يكن عالماً، لكن تأخر لعجزه عن الرد إلا أنه لا يكون له الرجوع بنقصان العيب لوجهين:

أحدهما: أن التملك من المشتري ينتسب بالمبيع من جهة المشتري، فتجعل نسبته كنسبة المشتري، ولو كان المشتري مثبتاً بالمبيع بنفسه، فإنه لا يكون له الرجوع بنقصان العيب من غير رضا البائع، وإن كان في العيب حقه باقياً لإمكان الرد، فإذا نسب الغير به من جهته والرد موهوم بأن يعود إلى قديم ملكه.

والثاني: أن المشتري لما باع من غيره، فقد وصل إليه عوض العيب، فلا يكون له الرجوع بنقصان العيب؛ لأنه يحصل بإزاء العيب عوضان، وهذا لا يجوز، وقد زال كلا الأمرين متى عاد الشيء إلى قديم ملكه، فكان له الرد بالعيب؛ بخلاف خيار الرؤية؛ لأنه سقط لما أثبت لغيره لازماً مع علمه بثبوت الخيار له لعلمه بعلته، وهو جهله بأوصاف المبيع فلا يعود بعد ذلك، وبخلاف مسألتنا؛ لأن دعوى الأب كانت باطلة ببيع الابن لفوات شرط صحة الدعوى، وهو ولاية التملك بالجارية، وإن عادت إلى قديم ملكه لم يتبين أنه لم يكن زائلاً عن ملكه على ما بينا، وإذا بقي الزوال على حاله حقيقة وحكماً كان شرط صحة الدعوى فائتاً، فلم تصح دعوته.

وإذا ولدت الجارية المبيعة في يدي المشتري ولدين في بطن واحد كلاهما أو أحدهما لأقل من ستة أشهر من وقت البيع، ثم جنى على أحد الولدين بأن قطع يده مثلاً، وأخذ المشتري الأرش، ثم ادعى البائع نسب الولدين صحت دعوته، لأنا تيقنا أن العلوق بالولدين اتصل بملك البائع، أما الذي جاء لأقل من ستة أشهر فظاهر، وأما الآخر فلأنهما خلقا من ماء واحد؛ وعلى الجاني أرش العبد، ويكون ذلك سالماً للمشتري،

<<  <  ج: ص:  >  >>