بخارى، فكان هذا كذباً محضاً، والكاذب كيف يكون قاضياً؟ وبعض مشايخ ذلك الزمان كانوا يجيبون عن هذا ويقولون: إن قاضي سمرقند قاضي أكثر كور المملكة بما وراء النهر، وللأكثر حكم الكل في أحكام الشرع، فجاز أن يقال: قاضي ما وراء النهر.
عرض محضر على الشيخ الإمام الزاهد نجم الدين النسفي في بيع سهم واحد شائعاً بحدود هذا السهم قال: كان مشايخنا بسمرقند يقولون: بأنه يوجب الفساد؛ ولأنه توهم الإفراز؛ لأن المفرز تكون له الحدود، أما المشاع فلا، قال: والصحيح عندي أنه لا يوجب الفساد، وقد ذكر أبو جعفر الطحاوي في «شروطه» في مواضع: اشترى منه النصف من كذا بحدود هذا النصف، قال: وسمعت السيد الإمام الأجل الحجاج محمد بن أبي شجاع يقول: لا أحفظ من والدي في هذه المسألة شيئاً، ولا رواية عن أصحابنا في ذلك، فذكرت له ما ذكر الطحاوي، فاستحسنه، وأخذ به؛ وهذا لأنه ليس في ذكر حدوده ما يدل على الإفراز، ألا ترى أن ذكر السهم لا يدل على الإفراز؟ فذكر حدوده كذلك لا يكون.
ورد دعوى الإجارة الطويلة محضر: وكان المكتوب فيه أول يوم هذه الإجارة يوم الأربعاء السادس من شهر كذا، وكتب بعد ذلك، وتقابضا في التاريخ المذكور فيه، فقيل قوله: وتقابضا في التاريخ المذكور فيه خطأ؛ لأنه يشير إلى وقوع التقابض الذي هو حكم العقد مع العقد في زمان واحد، وإنه لا يكون؛ لأن التقابض الذي هو حكم العقد ما يكون بعد العقد، ولكن يكتب: وتقابضا في اليوم الذي وقع العقد فيه، أو يكتب: وتقابضا في اليوم الذي باشر العقد فيه ليثبت التقابض بعد العقد، والصحيح عندي أنه يكتب: وتقابضا بعدما باشر العقد في اليوم الذي باشر العقد فيه.
ورد محضر في دعوى مال الإجارة
صورته: ادعى هذا الذي حضر على هذا الذي أحضره معه أن والد هذا الذي أحضره معه فلان آجر مني محدود كذا بكذا إجارة طويلة مرسومة، ثم مات وانفسخت الإجارة بموته، وصار بقية مال الإجارة ديناً في تركته، فرد المحضر بعلة أنه لم يكن في المحضر ذكر قبض مال الإجارة، وما لم يقبض للآجر مال الإجارة لا يصير شيئاً منه ديناً في تركته بموته، ولأنه لم يذكر في الدعوى تاريخ أول مدة الإجارة وتاريخ آخرها، ولا بد من ذكر ذلك حتى ينظر؛ أبقي شيء من مال الإجارة أم لا؟ وهذا؛ لأن مدة الإجارة قد تطول مبلغ ثلاثون سنة أو أكثر، فإذا بلغت هذا المبلغ تنتهي الإجارة بانتهاء المدة، ويصير جميع مال الإجارة مستحقاً للآجر بانتهاء المدة، فلا يبقى شيء حتى يصير ذلك ديناً في