للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التركة، ولو لم تبلغ مدة الإجارة هذا المبلغ لا بد وأن يعرف ما بقي من المدة ليعلم ما بقي من مال الإجارة، وإنما يعلم ذلك بذكر التاريخين.

وقد قال بعض مشايخنا: ينبغي أن يصرح بقبض مال الإجارة، ولا يكتفي بقوله: تقابضا قبضاً صحيحاً، فإن المستأجر لو أحضر مال الإجارة، ولم يدفعه إلى الآجر، وقبض المستأجر، ثم سلم المستأجر إلى الآجر، ولم يسلم مال الإجارة، فيكون قوله: وتقابضا مستقيماً على هذا الاعتبار، مع أنه لم يوجد أحد البدلين.

وبعض مشايخنا زينوا هذا القول وقالوا: المعتبر في نظر الشرع وقواعده مفهوم الناس، والمفهوم من قوله: وتقابضا قبض الآجر الأجرة، وقبض المستأجر المستأجر.

وقد قيل: لا ينبغي أن يكتب في صك الإجارة عل أن يزرع المستأجر ما بدا له؛ لأن كلمة «على» كلمة شرط، وزراعة المستأجر بنفسه ليست من قضايا العقد، فقد شرط في العقد ما لا يقتضيه العقد، ولكن يكتب لزرع ما يبدو له، وهذا لا يوجب الفساد؛ لأن هذا يرجع إلى بيان غرض المستأجر لا إلى الشرط، إلا أن هذا القول عندي في غاية الرياضة؛ لأن الإجارة في الأصل شرعت لحاجة المستأجر إلى الانتفاع، وكان انتفاع المستأجر بنفسه من قضايا عقد الإجارة، ولو لم يكن انتفاع المستأجر بنفسه من قضايا الإجارة، إلا أن اشتراط ما لا يقتضيه العقد إنما يوجب فساد العقد إذا كان لأحد المتعاقدين فيه منفعة بالإجماع، أو كان لأحدهما فيه مضرة عند أبي يوسف، أما إذا لم يكن لأحدهما فيه منفعة، ولا مضرة لا يفسد العقد، كما لو اشترى طعاماً، وشرط البائع على المشتري أن يأكله، وهاهنا لا منفعة لأحدهما في هذا الشرط ولا مضرة، ولو لم يذكر في عقد الإجارة ما يزرع في الأرض، ذكر في «الجامع الصغير» أن الإجارة فاسدة، وذكر في موضع آخر أنها صحيحة استحساناً.

ورد محضر فيه دعوى الإجارة، ودعوى استحداث الآجر يده على المستأجر

صورته: ادعى هذا الذي حضر على هذا الذي أحضر معه أن هذا الذي أحضرته معي أخذ مني عشرة وبرات أرض، حدودها كذا في ضيعة كذا، وسلمها إلي، ثم إنه أحدث يده على هذه الأراضي بغير حق، فواجب عليه قصر يده عن هذه الأراضي، وترك التعرض لها، وتسليمها إلي، ورد المحضر بعلة أنه لم يذكر فيه أنه آجر هذه الأراضي وهو يملكها، وهذا أمر لا بد من ذكره؛ لأن الإجارة من غير المالك لا تصح، وإن ملكه بعد ذلك، وكذلك لم يذكر فيه أنه أجر هذه الأراضي وهي في يده، ولا بد من ذكره؛ لأن الأراضي ربما كان مشتراة، وإجارة العقار المشترى قبل القبض لا يجوز، إما على الخلاف الذي في بيع العقار قبل القبض كما ذهب إليه بعض المشايخ، أو على الوفاق كما ذهب إليه بعض المشايخ، ولأنه لم يذكر في المحضر أن هذه الأراضي صالحة للزراعة وقت العقد؛ لأن الإجارة للانتفاع، فمحلها ما يصلح للانتفاع.

ولا يكتفي بقولها: استئجاراً صحيحاً لجواز أن الأرض لا تكون صالحة للزراعة وقت العقد، ولكن تكون بحال تصلح للزراعة لعمل المستأجر قطناً أن كون الأرض بحال

<<  <  ج: ص:  >  >>