وليس في العمل به ترك حكم الكتاب، فإن الوقت يسع للكل فيجمع بينهما، أما إذا كان الوقت حد الكثرة يسع للكل، فالعمل بخبر الواحد يؤدي إلى ترك العمل بالكتاب، فنقدم حكم الكتاب على حكم الخبر حده الكثرة في ظاهر الرواية أن تصير الفوائت ستاً، وروى محمد بن شجاع البلخي رحمة الله عليه عن أصحابنا رحمة الله عليهم: أن تصير الفوائت خمس صلوات، والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية.
وفي «القدوري» قال أبو حنيفة، وأبو يوسف رحمة الله عليهما: إذا فاتته ست صلوات، ودخل وقت السابعة سقط الترتيب، وقال محمد رحمة الله: إذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب، ومن تذكر صلاة عليه وهو في الصلاة، فقد حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله مذهب علمائنا رحمهم الله أن تفسد صلاته، قال: ولكن لا تفسد حين ذكرها بل يتمها ركعتين، ويعدها تطوعاً سواء كان الفائت قديماً أو حديثاً، ثم إذا كثرت الفوائت حتى سقط الترتيب، لأجلها في المستقبل سقط الترتيب في نفسها أيضاً حتى قال أصحابنا رحمهم الله: فيمن كان عليه صلاة شهر، فصلى ثلاثين فجراً ثم صلى ثلاثين ظهراً هكذا الضرورة؛ وهذا لأن الفوائت عند كثرتها لما أسقطت الترتيب في أغيارها؛ فلأن يسقط في نفسها كان ذلك أولى، هكذا ذكر بعض مشايخنا رحمهم الله المسألة في «شرح كتاب الصلاة» ، وفي المسألة كلمات تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ثم الفوائت نوعان: قديمة وحديثة، فالحديثة تسقط الترتيب بلا خلاف، وفي القديمة اختلاف المشايخ.
وتفسير القديمة: رجل ترك صلاة شهر في حال صباه ومجانه وفسقه ثم ندم على ما وقع، فاشتغل بأداء الصلاة في مواقتها فقبل أن يقضي تلك الفوائت ترك صلاة، وصلى أخرى وهو ذاكر لهذه المتروكة الحديثة، قال بعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله: لا تجوز هذه الصلاة، ويجعل الماضي من الفوائت كأن لم يكن احتياطاً، وزجراً عن التهاون، وأن لا تصير المعصية المقضي وسيلة إلى التخفيف والتيسير.
وبعضهم قالوا: يجوز وعليه الفتوى؛ لأن الاشتغال بهذه الفائتة ليس بأولى من الاشتغال بتلك الفوائت والاشتغال بالكل يفوت الوقتية عن وقتها، ولم تنقل هذه المسألة عن المتقدمين من مشايخنا رحمهم الله في كل موضع سقط الترتيب بحكم كثرة الفوائت، ثم عادت الفوائت إلى القلة بالقضاء، هل يعود الترتيب؟ وعن محمد رحمه الله روايتان.t
وقد اختلف المشايخ فيه بيانه إذا ترك الرجل صلاة شهر، وقضاها إلا صلاة أو صلاتين ثم صلى صلاة داخل وقتها، وهو ذاكر لما بقي عليه، بعض مشايخنا رحمهم الله قالوا: لا تجوز، وإليه مال الفقيه أبو جعفر رحمه الله، وهو إحدى الروايتين عن محمد رحمه الله، وبعضهم قالوا: تجوز، وإليه مال الشيخ الإمام الزاهد أبو حفص الكبير رحمة الله عليه، وعليه الفتوى.
وعلل هو فقال الترتيب قد سقط والساقط لا يحتمل العود كما قليل نجس دخل عليه الماء الجاري حتى كثر وسال ثم عاد إلى القلة، لا يعود نجساً والمعنى ما قلنا، أنه سقط