للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبار النجاسة بالسيلان والساقط لا يحتمل العود كذا ههنا.

وروى ابن سماعة عن محمد رحمة الله عليهما: في رجل ترك صلاة يوم وليلة، ثم صلى من الغد مع كل صلاة صلاة أمسيته إن الأمسيات كلها صحيحة، قدمها أو آخرها، وأما اليوميات، فإن بدأ بها فهي فاسدة؛ لأنه متى أدى اليوميات صارت سادسة المتروكات، إلا أنه إذا قضى متروكة بعدها عادت المتروكات خمساً (٨٧ب١) ثم لا يزول، هكذا فلا يعود إلى الجواز، وإن بدأ بالأمسيات وأخر اليوميات، فاليوميات فاسدة إلا العشاء الآخرة، وإن العشاء الآخرة جائزة، وأما فساد ما وراء العشاء الآخرة في اليوميات؛ لأنه كلما صلى أمسيته عادت الفوائت أربعاً ففسدت الوقتية ضرورة، وأما العشاء الآخرة فما ذكر في الجواب أنها جائزة محمول على ما إذا كان الرجل جاهلاً؛ لأنه صلاها وعنده أنه لم يبق عليه فائتة، فصار كالناسي، فأما إذا كان الرجل عالماً لا تجزئه العشاء الآخرة أيضاً؛ لأنه صلاها وعنده أن عليه أربع صلوات، وهذه الرواية هي الرواية التي ذكرناها قبل هذا أن إحدى الروايتين عن محمد رحمه الله: إذا كثرت الفوائت وسقط الترتيب ثم عادت الفوائت إلى القلة أنه يعود الترتيب.

قال في «الأصل» : رجل صلى الظهر على غير وضوء ثم صلى العصر على وضوء ذاكراً لذلك، وهو يحسب أنه يجزئه، فعليه أن يعيدهما جميعاً.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمة الله عليه: معنى المسألة: أنه صلى الظهر بغير وضوء ناسياً، فإنه لو تعمد ذلك كفر في أصح القولين لأصحابنا رحمهم الله، وإنما كان عليه أن يعيدهما أما الظهر فظاهر، وأما العصر؛ فلأن مراعاة الترتيب واجب على ما مر، ولمجرد ظنه لا يسقط عنه ما هو مستحق عليه، كمن ظن أن الصلاة أو الزكاة ليس بواجب عليه، فإن أعاد الظهر وحدها ثم صلى المغرب، وهو يظن أن العصر له جائز، قال: تجزئه المغرب ويعيد العصر فقط؛ لأن ظنه هذا استند إلى خلاف معتبر بين العلماء.

فإن أهل المدينة لا يرون الترتيب في الصلوات، وهو قول الشافعي رحمه الله الأول أن المغرب مجزئة وهذا موضع الاجتهاد، وأحوال المتأولين في المجتهدات فيما لا، فإنه مخالف للنص لا يبطل بل يغير.

وإن كان الحكم فيما اجتهد بخلاف ذلك هذا كما يقول في القصاص، إذا كان بين اثنين، فعفا أحدهما وظن صاحبه أن عفو أخيه لا يؤثر في حقه، فقتل ذلك القاتل، فإنه لا يقاد منه ومعلوم أن هذا قتل بغير حق، ولكن لما كان جاهلاً أو مجتهداً في ذلك صار ذلك التأويل مانعاً وجوب القصاص، وإن كان مخطئاً في التأويل، كذلك ههنا حتى إذا كان عنده أن العصر لا تجزئه لا تجوز له المغرب نص عليه ابن سماعة عن محمد رحمهم الله، هكذا ذكر الشيخ الإمام الزاهد أبو نصر الصفار، والشيخ الإمام شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمهما الله.

وحاصل الفرق: أن فساد الصلاة بترك الطهارة فساد قوي مجمع عليه يظهر أثره، فيما يؤدي بعده، فأما فساد العصر بسبب الترتيب فساد ضعيف مختلف فيه، فلا يتعدى

<<  <  ج: ص:  >  >>