للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرخي في كتابه، ومن المشايخ من قدره بفرسخين فصاعداً، فقال: إذا كان بينه وبين المصر فرسخان، فله أن يصلي على الدابة، وإن كان أقل من ذلك لا يجوز.

وقال بعضهم: إن كان بينه وبين المصر قدر ميل جاز له أن يصلي على الدابة، وإن كان أقل من ذلك فلا، وقال بعضهم: إن كان بينه وبين المصر قدر ما يكون بين المصر وبين مصلى العيد جاز له أن يتطوع على الدابة، وإن كان أقل من ذلك لا يجوز.

وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: والصحيح من الجواب أنه يعتبر فيه مخالطة البنيان ومفارقتهما، فما دام مخالطاً للبنيان لا يتطوع على الدابة وإذا فارق البنيان فقد خرج من المصر، فيجوز له التطوع على الدابة وهو قياس قصر الصلاة للمسافر، وعن أبي حنيفة رحمه الله: أن التطوع على الدابة جائز على المصر من غير فصل بينها إذا كان المكان الذي خرج إليه قريباً أو بعيداً، وإن كان بسرجه قذر لم تفسد صلاته.

وأشار في «الكتاب» : إلى المعنى، وقال: والدابة أبعد من ذلك يريد بذلك أن الدواب ليسوا بطيبين ظاهراً؛ لأنهم يتمعكون في التراب والنجاسات، فالظاهر أنهم لا يخلون عن النجاسات ثم نجاسة الدابة تمنع الجواز، فكذا نجاسة السرج بل أولى؛ لأنها أقل، من أصحابنا من قال: لم يرد محمد بقوله: وإذا كان بسرجه قذر أن يكون على سرجه نجاسة حقيقية، وإنما أراد به قذر الدابة الذي يتلطخ به الثوب، أما إذا كان على سرجه نجاسة حقيقية نحو رجيع الآدمي وما أشبه ذلك، وكانت في موضع الجلوس أو الركابين أكثر من قدر الدرهم تمنع الجواز، وهو قول الفقيه محمد بن مقاتل الرازي والشيخ الإمام الزاهد أبي حفص الكبير رحمهما الله.

وبعضهم قالوا: إذا كانت النجاسة في الركابين لا بأس به، وإن كان في موضع الجلوس يمنع الجواز، والحاكم الشهيد يشير إلى أن كل ذلك على السواء وشيء منها لا يمنع الجواز؛ لأن هذا أمر بني على الخفة والرخصة وطهارة السرج والركابين نادر، فلا يشترط طهارتها؛ ولأنه قد سقط عنه القيام والسجود وذلك ركن وطهارة المكان شرط والركن أقوى من الشرط، فسقوط الركن يدل على سقوط الشرط من طريق الأولى، ولم يذكر في ظاهر الرواية التطوع على الدابة في المصر.

قال الحاكم في «الكتاب» : قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يصلي النافلة على الدابة في المصر، وقال أبو يوسف: لا بأس بذلك، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: قال في «الكتاب» : لا يصلي النافلة على الدابة في المصر، ولكن لم يذكر أنه لو صلى يجزئه.

وذكر الفقيه أبو جعفر في «غريب الروايات» ، وقال: إني لا أعرف مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «الهارونيات» أنه لا يجوز التطوع على الدابة في المصر عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف لا بأس به، وعند محمد يجوز ويكره.

فعلى ما ذكره شمس الأئمة السرخسي حجة أبي حنيفة رحمه الله، هو أنا جوزنا الصلاة على الدابة بالإيماء بالنص، بخلاف القياس والنص ورد خارج المصر والمصر

<<  <  ج: ص:  >  >>