للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما، أما إذا كان نازلاً، فركب لما ذكرنا، وأما إذا كان راكباً فنزل؛ لأنه بناء القوى على الضعيف، وذلك لا يجوز كالمريض الذي يصلي بالإيماء ثم يقدر على الركوع والسجود في خلال الصلاة، فإنه لا يبني، وإنه لا يبني، لما قلنا.

والفرق بينهما على ظاهر الرواية: أن في المريض ليس له أن يفتتح الصلاة بالإيماء مع القدرة على الركوع والسجود، فكذلك إذا قدر على ذلك في خلال الصلاة لا يبني أما ههنا له أن يفتتح الصلاة بالإيماء على الدابة مع القدرة على الركوع، والسجود فكذلك قدرته على الركوع والسجود بالنزول تمنعه من البناء.

وكذلك إن (نذر) على أن يصلي ركعتين فصلاهما راكباً من غير عذر لم يجزئه؛ لأن القدرة لم تنصرف إلى أتم الوجوه وأكملها، ألا ترى أن من نذر أن يصلي ركعتين، فصلاهما عند طلوع الشمس أو عند غروبها، أو عند زوالها لا يجوز، والمعنى ما ذكرنا كذلك ههنا.

والدليل عليه: أنه إذا نذر أن يعتق رقبة، فأعتق رقبة أعجمي، فإنه لا يجوز؛ لأنه بالنذر التزم الصلاة مطلقاً، والمطلق ينصرف إلى الكامل، فإن صلاهما على الدابة بعذر جاز؛ لأن المكتوبة تؤدى على الدابة بعذر فالمنذورة أولى والله أعلم.

رجلان في محمل واحد، فاقتدى أحدهما بالآخر في التطوع أجزأهما وهذا لا يشكل إذا كان في شق واحد، لأنه ليس بينهما حائل، فأما إذا كانا في شقين، اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: إن كان أحد الشقين مربوطاً بالآخر يجزئه؛ لأنه إذا كان مربوطاً بالآخر صار بحكم الاتصال كشق واحد أو كسفينتين ربطت أحدهما بالأخرى، فاقتدى أحدهما بصاحبه، فهذا يجوز الاقتداء بالإجماع كذا هنا، وإن لم تكن مربوطاً بالآخر لا يصح اقتداؤهما؛ لأن بينهما دابة تسير، فكان بين الإمام والمقتدي طريق، وإنه مانع جواز الاقتداء، وقال بعضهم: يجزئه كيف ما كان إذا كان على دابة واحدة، كما لو كانا على الأرض وإلى هذا أشار محمد رحمة الله في «الكتاب» .

فإنه جمع في «الكتاب» : بين مسألتين مسألة المحمل ومسألة الدابتين وجوز في المحمل، ولم يجوز في الدابتين بعلة الطريق وفرق بينهما واسم المحمل يقع على الشقين، وعلى شق واحد فلو كان المراد في المحمل الشق الواحد لما احتاج إلى الفرق، ولأنهما إذا كانا في محمل واحد ليس بين الإمام والمقتدي ما يمنع صحة الاقتداء.

قال في «الكتاب» : وأكره أن يأتم إذا كان عن يسار الإمام اعتباراً بما لو كان على الأرض، ولو كان كل واحد منهما على دابة لم تجز صلاة المؤتم؛ لأن بين الدابتين طريق والطريق العظيم بين الإمام والمقتدي يمنع صحة الاقتداء.

وعن محمد رحمه الله قال: أستحسن أن يجوز اقتداؤهم بالإمام إذا كانت دوابهم على القرب من دابة الإمام على وجه لا تكون الفرجة بينه والقوم إلا بقدر العرف، قياساً على الصلاة على الأرض، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله قول محمد رحمه الله: كانا في محمل واحد يقع على الشقين جميعاً، وإنما جاز هذا لأن الرباط جمعهما

<<  <  ج: ص:  >  >>