فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: ٢٣٩) وعلى قياس ما ذكرنا في أول بيان الأعذار.
لو صلى المكتوبة في البادية على الراحلة والقافلة تسير يجوز؛ لأنه يخاف على نفسه وثيابه لو نزل؛ لأن القافلة لا تنتظره، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه ألحق ركعتي الفجر بالمكتوبة، فقال: ينزل لها إلا بعذر، وذكر ابن شجاع: أن ذلك يجوز أن تكون لبيان الأولى يعني أن الأولى أن ينزل لركعتي الفجر ثم ها هنا مسألة لم يذكرها محمد رحمه الله في «الأصل» : ولا أوردها الحاكم الشهيد في «المختصر» : وهو ما إذا افتتح التطوع على الدابة خارح المصر ثم دخل المصر قبل أن يفرغ منها، وذكر في غير رواية الأصول أنه يتمها، واختلف الناس في معنى هذا، قال بعضهم: يتمها على الدابة، ما لم يبلغ منزله وأهله، لأنه التزمها راكباً، فله أن يتمها راكباً.H
وقال كثير من أصحابنا رحمهم الله: إنه ينزل ويتمها نازلاً؛ لأنا قد روينا عن أبي حنيفة أنه كان لا يأذن بالصلاة على الدابة في المصر، وهذا لأن النزول عمل يسير لا يحتاج فيه إلى معالجة كثيرة فلهذا تجوز بقية الصلاة نازلاً.
وروي عن محمد رحمه الله أنه قال: إن صلى ركعة بإيماء ثم دخل المصر لم يمكنه إتمام صلاته نازلاً؛ لأنه بناء الكامل على الناقص؛ لأن أول صلاته بإيماء وآخر صلاته بركوع وسجود. وإن لم يصل ركعة بإيماء نزل وأتمها نازلاً؛ لأنه لم يؤد شيئاً بإيماء، فله أن يكملها نازلاً بركوع وسجود.
قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: قال مشايخنا: هذه الرواية على أصل محمد لا تستقيم؛ لأن تحريمة الصلاة وقعت للإيماء فلا يصح إكمالها بركوع وسجود على أصله؛ لأنه بناء القوي على الضعيف، وهو لا يرى ذلك؛ لأن مذهبه فيمن افتتح الصلاة قاعداً لمرض بركوع وسجود، ثم برأ من مرضه، فقام فأتمها قائماً، فإنه لا يجوز؛ لأنه بناء القوي على الضعيف فهذه الرواية تخالف مذهبه، فلا يدرى من أين وقع هذا؟ والله أعلم.
وإذا افتتح التطوع على الأرض، فأتمها راكباً لم تجزئه ولو افتتحها راكباً ثم نزل، فأتمها أجزأته لوجهين:
أحدهما: وهو أن النزول عمل يسير والركوب عمل كثير؛ لأنه يحتاج فيه إلى استعمال اليدين عادة وفي النزول لا يحتاج إلى ذلك ولكن يجعل إليته من جانب، وينزل من غير أن يحتاج إلى معالجة اليدين.
والثاني: وهو أنه افتتح الصلاة على الأرض، فلو أتمها راكباً كان دون ما شرع فيها؛ لأنه شرع فيها بركوع وسجود والإيماء دون ذلك، والراكب إذا نزل يؤديها أتم ما شرع فيها؛ لأنه شرع فيها بالإيماء، ويؤديها بركوع وسجود.
وعن زفر رحمه الله: أنه يبني فيهما جميعاً؛ لأنه لما جاز الافتتاح على الدابة بالإيماء مع القدرة على النزول، فالإتمام أولى، وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يستقبل