الرابعة: إذا جامع امرأته واغتسل قبل أن يبول ثم سال منه بقية المني وجب الغسل عندهما، وكذلك إذا خرج مذي، وأجمعوا على أنه إذا بال ثم اغتسل أو نام ثم خرج المني أنه لا غسل عليه.
وفي «الأجناس» : لو جامع واغتسل قبل أن يبول وصلى، ثم بال فإنه يعيد الغسل عندهما ولا يعيد الصلاة بلا خلاف، وإذا بال فخرج من ذكره مني، فإن كان ذكره منتشراً فعليه الغسل، وإن كان منكسراً فعليه الوضوء.
وفي «مجموع النوازل» : المرأة؛ إذا اغتسلت بعدما جامعها زوجها ثم خرج منها مني الزوج، فعليها الوضوء دون الغسل؛ لأن الخارج ليس ماءها بل هو حدث.
ومما يتصل بطرف خروج المني مسائل الاحتلام
إذا استيقظ الرجل ووجد على فراشه بللاً وهو يذكر احتلاماً، إن تيقن أنه مني أو تيقن أنه مذي أو شك أنه مني أو مذي، فعليه الغسل، وليس في هذا إيجاب الغسل بالمذي بل فيه إيجاب الغسل بالمني؛ لأن سبب خروج المني قد وجد وهو الاحتلام، فالظاهر خروجه إلا أن طبع المني الرقة بإطالة المدة، فالظاهر أنه مني إلا أنه رق قبل أن يستيقط، وإن تيقن أنه ودي لا غسل عليه.
وإن رأى بللاً إلا أنه لم يتذكر الاحتلام، فإن تيقن أنه (مذي) لا يجب الغسل؛ لأن سبب خروج المني ههنا لم يوجد، فلا يمكن أن يقال بأنه مني ثم رق لطول المدة، بل هو مذي حقيقة، والمذي لا يوجب الغسل وإن شك أنه مني أو مذي، قال أبو يوسف رحمه الله: لا يوجب الغسل حتى يتيقن بالاحتلام، وقالا يجب الغسل، هكذا ذكر شيخ الإسلام رحمه الله.
وإذا تذكر الاحتلام ولم ير بللاً فلا غسل عليه لظاهر قوله عليه السلام:«من احتلم ولم ير بللاً فلا شيء عليه» ، قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله: ذكر هشام في «نوداره» عن محمد رحمه الله: إذا استيقظ الرجل فوجد البلل في إحليله ولم يذكر حلماً إن كان ذكره منتشراً قبل النوم، فلا غسل عليه، إلا إذا تيقن أنه مني، وإن كان ذكره ساكناً قبل النوم فعليه الغسل، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: هذه المسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون، فيجب أن تحفظ.
إذا نام الرجل قاعداً أو قائماً أو ماشياً ثم استيقظ ووجد بللاً فهذا وما لو نام مضطجعاً سواء، وإذا احتلم الرجل وانفصل المني عن مكانه إلا أنه لم يظهر على رأس الإحليل، فلا غسل عليه، لأن الخروج بهذا لا يتحقق، ألا ترى أنه لا يلزمه الوضوء بنزول البول إلى هذا الموضع.