المرأة إذا احتلمت، ولم تر بللاً روي عن محمد رحمه الله في غير رواية الأصول أنها إذا تذكرت الاحتلام والإنزال والتلذذ فعليها الغسل وإن لم تر بللاً، وبه أخذ بعض المشايخ، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: ولا يؤخذ بهذه الرواية؛ لأن النساء يقلن: إن مني المرأة يخرج من الداخل كمني الرجل، وفي ظاهر الرواية: أنه يشترط الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الظاهر لوجوب الغسل، حتى لو انفصل منها عن مكانه ولم يخرج عن الفرج الداخل إلى الفرج الخارج لا غسل عليها، وبه كان يفتي الفقيه أبو جعفر، والشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمة الله عليهما.
وفي «صلاة ابن عبد الله» : امرأة قالت...... حتى يأتيني في النوم مراراً وأجد في نفسي ما أجد لو جامعني زوجي، وذكر (وجب) أنه غسل عليها.
رجل وامرأة ناما واستيقظا وجدا منياً بينهما وكل واحد منهما ينكر الاحتلام وينكر أن المني منه، كان الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله يقول: بوجوب الغسل عليهما وهو الاحتياط، ومن المشايخ من قال: إن (كان) ذلك الماء غليظاً أبيض فهو من الرجل، وإن كان رقيقاً أصفر فهو من المرأة، ومنهم من علل إن وقع طولاً فهو من الرجل وإن وقع مدوداً فهو من المرأة.
الرجل إذا صار مغشياً عليه ثم أفاق ووجد مذياً على فخذه أو ثيابه، فلا غسل عليه، وكذلك السكران إذا أفاق ووجد مذياً على فخذه أو ثوبه، فلا غسل عليه، وليس هذا كالنوم والله تعالى أعلم.
نوع منه فى سبب وجوب الاغتسال
اختلف المشايخ في سبب وجوب الاغتسال، قال بعضهم: سبب وجوبها الجنابة، وقال بعضهم: سبب وجوبها إرادة ما حرم عليه بسبب الجنابة، وسيأتي بيان ما حرم عليه بسبب الجنابة في النوع الذي يلي هذا النوع.
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : أدنى ما يكفي في غسل الجنابة من الماء صاع لحديث جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم «كان يغتسل بالصاع، فقيل له: إن لم يكف؟ فغضب قال: لقد كفى من هو خير منكم، وأكثر شعراً» والصاع ثمانية أرطال، كل رطل نصف مَنّ، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد.
وقال أبو يوسف: الصاع خمسة أرطال وثلث رطل، وهو قول الشافعي، وسيأتي بيان ذلك في كتاب الصوم إن شاء الله، وهذا التقدير لماء الإفاضة فإن أراد تقديم الوضوء زاد مداً، وكل ذلك ليس بتقدير لازم بل يستعمل من الماء بقدر ما يقع عنده أنه حصل التطهير، ولا بأس بأن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كنت أنا ورسول الله عليه السلام نغتسل من إناء واحد، وكنت أقول له: أبقِ لي