للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدو دفعوه عن نفسهم، فهو مصر جامع.

وقال سفيان الثوري رحمه الله: المصر الجامع ما يعده الناس مصراً عند ذكر الأمصار المطلقة كبخارى أو سمرقند، فعلى هذا القول لا يجوز إقامة الجمعة بكرمينة وكثانية.

قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: وظاهر المذهب أن المصر الجامع أن يكون فيه جماعات الناس، وجامع وأسواق للتجارات وسلطان أو قاضي يقيم الحدود، وينفذ الأحكام، ويكون فيه مفتي إذا لم يكن الوالي أو السلطان مفتياً، ثم في كل موضع وقع الشك في كونه مصر أو أقام أهل ذلك الموضع الجمعة بشرائطها، فينبغي لأهل ذلك الموضع أن يصلوا بعد الجمعة أربع ركعات وينوون بها الظهر احتياطاً، حتى أنه لو لم تقع الجمعة موقعها يخرجون عن عهدة فرض الوقت بأداء الظهر بيقين.

ولا بأس بالجمعة في موضعين أو ثلاثة من مصر واحد عند محمد، وأجاز أبو يوسف في موضعين دون الثلاث، وفي رواية «الأمالي» : أجاز في موضعين إذا كان مصراً له جانبان بينهما نهر عظيم حتى يصير في حكم مصرين كبغداد، فإن لم يكن المصر بهذه الصفة فالجمعة لمن سبق منهم بأدائها فإن فعلوا معاً، فسدت صلاتهم جميعاً وكما يجوز إقامة الجمعة في المصر يجوز إقامتها خارج المصر قريباً منه نحو مصلى العيد؛ لأن مصلى العيد أبداً يكون في فناء المصر، وفناء المصر ألحق بالمصر فيما كان من حوائج أهل المصر وأداء الجمعة من حوائج أهل المصر، فيلحق بالمصر في أداء الجمعة، هكذا ذكر المسألة في «شرح القدوري» .

وفي «فتاوى أبي الليث رحمه الله» : شرط الفناء نصاً، فقال: ويجوز إقامة الجمعة خارج المصر إذا كان في فناء المصر، وفي «نوادر الصلاة» لو أن الأمير خرج للاستسقاء يدعو، وخرح معه ناس كثير فحضرت الجمعة فصلى بهم الجمعة في الجبانة على قدر غلوة من المصر أجزأهم، لأنه فناء المصر ولفناء المصر حكم المصر.

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: اختلف الناس في تقدير فناء المصر فقدرة محمد في «النوادر» بالغلوة وفارسيته (يك تيربرتاو) ، وقدره بعض المشايخ بفرسخين، وبعضهم بثلاثة أميال كل ميل ثلث فرسخ.

وبعضهم بمنتهى حد الصوت، إذا صاح في المصر إنسان أو أذن مؤذنهم لمنتهى صوته فناء المصر، فيجوز أداء الجمعة فيه، وما وراءه ليس فناء المصر، فلا يجوز أداء الجمعة فيه، والشيخ الإمام شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده، والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: قدر الفناء بالغلوة اتباعاً لما ذكره محمد في «النوادر» ، وقدر أبو يوسف رحمه الله الفناء بميل أو ميلين، فإنه روي عنه: لو أن إماماً خرج من المصر مع أهل المصر لحاجة له قدر ميل أو ميلين، فحضرته الجمعة فصلى بهم الجمعة أجزأه، وهذا بخلاف ما لو خرج المسافر عن عمران المصر حيث يقصر الصلاة؛ لأن فناء المصر إنما يلحق بالمصر فيما كان من حوائج أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>