والمعنى في المسألة: أن الخطبة ذكر الله تعالى، والجنب والمحدث لا يمنعان عن ذكر الله تعالى جاء في الحديث «أن النبي عليه السلام كان لا تحجره الجنابة عن شيء إلا عن قراءة القرآن» ، إلا أنه لو تعمد ذلك يصير مسيئاً لدخوله المسجد من غير طهارة، ولأن الخطبة وإن لم تكن صلاة حقيقة إلا أنها تشبه الصلاة، ولهذا لا تجوز الجمعة بدونها، ولو كانت صلاة حقيقة لا تجوز بدون الطهارة، فإذا كانت تشبه الصلاة.h
قلنا: تكره مع الحدث والجنابة ولم يذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» : أنه هل تعاد الخطبة؟ وذكر في «النودار» عن أبي يوسف رحمه الله: أنه لا تعاد، والأذان جنباً يعاد ولكل واحد منها شبهاً بالصلاة إلا أن الأذان أشبه بالصلاة من الخطبة فإن الأذان يؤدى مستقبل القبلة والخطبة تؤدى مستدبر القبلة.
وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله الإعادة فيهما جميعاً وإن خطب وهو طاهر، ثم أحدث وأمر رجلاً بالصلاة فإن كان الرجل المأمور قد شهد الخطبة أو بعضها أجزأه، لأنه ينشىء تحريمة الجمعة وقد وجد شرط افتتاح الجمعة في حقه وهو الخطبة؛ فيجوز، وإن لم يشهد المأمور الخطبة لا يجزئه، إلا أنه يريد أن ينشىء تحريمة الجمعة من غير شرطها، وهو الخطبة، فلا تجزئه كما إذا لم يخطب الأولى، وأراد أن يصلي بالناس الجمعة.
ولو أن الإمام الأول أحدث بعد الشروع في الجمعة، فأمر رجلاً لم يشهد الخطبة حتى يصلي بهم الجمعة يجوز؛ لأنه لا ينشىء التحريمة، بل يبني على صلاة الإمام والخطبة شرط افتتاح الجمعة، لا شرط البناء.
فإن قيل: ما ذكرتم من العذر ليس بصحيح، بدليل أن الثاني لو أفسد صلاته ثم افتتح بهم أجزأه، وهو مفتتح في هذه الحالة.
قلنا: نعم ولكن لما صح شروعه في الجمعة وصار خليفة للأول التحق بمن شهد الخطبة حكماً، فهلذا أجاز له الافتتاح بعد الإفساد.
إذا خطب الإمام يوم الجمعة ثم قدم أمير آخر إن صلى القادم بخطبة الأول صلى أربعاً، لأن الخطبة شرط افتتاح الجمعة، وإنه غير موجود في حق القادم وإن خطب خطبة جديدة صلى ركعتين وإن صلى الأول الجمعة بالناس، فإن لم يعلم بقدوم الثاني أجزأهم؛ لأنه لا ينعزل ما لم يعلم بقدوم الثاني، وإن علم بقدوم الثاني لا يجزئهم؛ إلا أن يكون القادم أمر الأول بإقامتها، فحينئذٍ يجوز؛ لأنه يستجمع شرائط الجمعة.
قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: وقد قيل: لا يجزئهم؛ لأن الثاني لما لم يملك إقامتها لعدم الخطبة يصح أمره الأول بها.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: إمام خطب الناس يوم الجمعة ثم قدم عليه أمير آخر مكانه بعدما فرغ من الخطبة، فأمر هذا القادم رجلاً ممن شهد الخطبة فصلى بالناس