رعف ثم توضأ، فعلى قول أبي عبد الله الجرجاني لا يقع الطلاق عليها في هذه الصورة لأن شرط وقوع الطلاق عليها الوضوء من الرعاف والوضوء ههنا وقع من البول عنده، ولأنه هو الأول وعلى الأقوال الأخر يقع الطلاق؛ لأن على الأقوال الأخر الوضوء منهما.
قال الشيخ الإمام الزاهد عبد الرحيم رحمه الله: كنا نقول: الوضوء يكون بأغلظها حتى إن الرجل إذا رعف ثم بال فالوضوء يكون منهما لاستوائهما، فأما إذا رعف ثم أجنب أو بال ثم أجنب فالوضوء الذي يكون في الاغتسال من الجنابة لأنها أغلظ. ثم وجدنا رواية أبي حنيفة: أن الوضوء منهما. فرجعنا عن ذلك وأخذنا بقول أبي حنيفة والله أعلم.
ذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : أن الاغتسال على أحد عشر نوعاً، خمسة منها فريضة: الاغتسال من الحيض والنفاس، ومن التقاء الختانين، وغيبوبة الحشفة، ومن الاحتلام إذا أنزل، ومن إنزال المني عن شهوة دفعاً.
وأربعة منها سنّة: غسل يوم الجمعة وفي العيدين، والغسل يوم عرفة عند الإحرام. وواحد منها واجب وهو غسل الميت حتى لا تجوز الصلاة عليه قبل الغسل، والآخر مستحب وهو الكافر إذا أسلم، يريد بها: إذا لم يجنب قبل الإسلام فإنه يستحب له أن يغتسل.
وههنا فصل آخر، أن الكافرة إذا أسلمت بعدما انقطع دم الحيض والنفاس فإنه يستحب لها أن تغتسل، ولا يجب عليها ذلك، وإن كان انقطاع الدم بعد الإسلام فرض عليهم الغسل.
والكافر إذا أجنب قبل الإسلام فقد ذكرنا أن في وجوب الغسل عليه اختلاف المشايخ، وذكرنا أن الصحيح أنه يجب وفرقنا بين الحيض وبين النفاس. وههنا فصلان آخران: أحدهما: الصبي إذا بلغ بالاحتلام. والثاني: الصبية إذا بلغت بالحيض هل يجب عليهما الغسل؟ وفي الفصلين جميعاً اختلاف المشايخ والاحتياط في القول بالوجوب والله أعلم.
ومما يتصل بهذا الفصل بيان أحكام الجنابة
وإنها كثيرة: منها حرمة الصلاة لقوله تعالى: {ولا جنباً إلا عابري سبيل} معطوفاً على قوله: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}(النساء: ٤٣) .
ومنها دخول المسجد وإنها ثابتة بالسنّة عندنا وهو قوله عليه السلام:«إني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض» . وعند الشافعي بالكتاب وهو قوله تعالى:{ولا جنباً إلا عابري سبيل}(النساء: ٤٣) حتى يجوز له الدخول في المسجد عنده على سبيل العبور دون القعود.
وعندنا لا يجوز له الدخول في المسجد أصلاً لا للعبور ولا للقعود لأنه لا فصل