في السنة، والمراد من قوله تعالى:{إلا عابري سبيل} عندنا: المسافرون. سمّاهم الله تعالى بهذا الاسم لعبورهم على السبيل، كما أن المسافر يشبه ابن السبيل في المرور في السبيل.
ومنها حرمة الطواف بالبيت؛ لأن البيت في المسجد، ولا يحل له الدخول في المسجد فلا يحل له الطواف ضرورة. ومنها حرمة قراءة القرآن، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمكان نهى الجنب عن قراءة القرآن. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّمكان لا يحجزه شيء عن قراءة القرآن إلا الجنابة، الآية وما دونها في تحريم القراءة سواء عند الكرخي؛ لأن الكل قرآن. وقيد الطحاوي حرمة القراءة بآية تامة؛ لأن المتعلق بالقراءة حكمان: أحدهما: جواز الصلاة به، والثاني: حرمة القراءة على الجنب في أَحَد حكمين وهو جواز الصلاة يفصل بين الآية وما دونها. /
فكذلك في الحكم الآخر وهو حرمة القراءة على الجنب، وهذا إذا قصد القراءة، فإن لم يقصدها فلا بأس به نحو قوله: الحمد لله، على سبيل الشكر. وكذلك إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم إن قصد القراءة يكره، وإن قصد به افتتاح الكلام لا يكره، وكذلك إذا ذكر دعاء في القرآن وهو آية تامة يريد به الدعاء لا يكره.
ولا يكره له قراءة دعاء القنوت في ظاهر مذهب أصحابنا لأنه ليس بقرآن. وعن محمد رحمه الله أنه يكره لأنه قرآن عند بعض الصحابة. ولا يكره التهجي بالقرآن لأن التهجي بالقرآن ليس بقراءة القرآن. ويكره له قراءة التوراة والزبور والإنجيل. ذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله في «الفتاوى» : ولا يمس المصحف ولا اللوح المكتوب عليه آية تامة من القرآن ولا الدرهم المكتوب (عليه) سورة الإخلاص لقوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون}(الواقعة: ٧٩) .
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلّمإلى بعض القبائل:«لا يمس القرآن حائض ولا جنب» . وكما لا يحل له مس الكتابة لا يحل له مس البياض وإن مسّ المصحف بغلافه فلا بأس به. والكلام في الغلاف في حق الجنب نظير الكلام فيه في حق المحدث. وإذا مسه بكمه أو ذيله فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في المحدث.
وإذا أراد أن يغسل الفم ويقرأ القرآن أو يغسل اليد ويمس المصحف، فإنه لا يحل له القراءة والمس لأن الجنابة لا تتجزأ زوالاً كما لا تتجزأ ثبوتاً. ويكره مسّ كتب التفسير ومس كتب الفقه وما هو من كتب الشريعة، وقد ذكر هنا الوجه في حق المحدث، والمشايخ المتأخرون توسعوا في مس كتب الفقه.