الركعتين، فيعتبر حاله لا حال الإمام.
ومنها: أن الرجل إذا دخل مع الإمام في صلاة الوتر وهو في التشهد، وكان قنت في الركوع، وكان ذلك من رأيه فلما فرغ الإمام من صلاته قام الرجل للقضاء فكان من رأيه القنوت قبل الركوع يقنت قبل الركوع، وإن كان يقنت بعد الركوع لو كان مع الإمام؛ لهذا إنه مسبوق في القنوت، فيعتبر فيه حاله لا حال الإمام، فكذا في مسألتنا.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : وإذا دخل الرجل مع الإمام في صلاة العيد وهذا الرجل يرى تكبير ابن مسعود رضي الله عنه، فكبر الإمام غير ذلك اتبع الإمام إلا إذا كبر الإمام تكبيراً لم يكبره أحد من الفقهاء؛ فحينئذٍ لا يتابعه.
وأراد بقوله: لم يكبره أحد من الفقهاء أحد من الصحابة، وهذا لأنه بالاقتداء بالإمام حكّمه على نفسه، فيتعين حكمه عليه ما لم يخرج عن حد الاجتهاد، وإذا كبر تكبيراً كبره أحد من الصحابة لم يخرج حكمه عن حد الاجتهاد فينفذ عليه.
وإذا كبر تكبيراً لم يكبره أحد من الصحابة، فإن زاد على ستة عشر يعد خرج حكمه عن حد الاجتهاد فلا ينفذ عليه.
فإن قيل: أليس لو كان الإمام يرى القنوت في صلاة الفجر والمأموم لا يرى ذلك لا يتابعه ولم يخرج حكمه عن حد الاجتهاد.
قلنا: هناك خرج حكمه عن حد الاجتهاد؛ لأن القنوت في صلاة الفجر منسوخ عام لنا دلالة النسخ وبعد ما ثبت النسخ لا يبقى محلاً للاجتهاد.d
وأما في تكبيرات العيد لم يعم دلالة النسخ بعض أقوال الصحابة رضون الله عليهم أجمعين فهو محل الاجتهاد، وهذا إذا كان الرجل يسمع تكبير الإمام، فإن لم يكن يسمع تكبير الإمام ولكن كبر الناس فكبر هو بتكبير الناس، فإنه يكبر ما كبر الناس، وإن زاد على ستة عشر؛ لأن الزيادة تحتمل أن من الإمام فيكون خطأ ويحتمل أن يكون من الناس بأن سبق تكبيرهم تكبير الإمام فتكون الزيادة واجبة، فدارت الزيادة بين أن تكون خطأ وبين أن تكون واجبة.
والأصل: ما دار بين البدعة والواجب كان الإتيان به أولى من تركه، وكل ما دار بين البدعة والسنّة كان تركه أولى من الإتيان به. وقد قال مشايخنا: إن الرجل إذا كبر بتكبير الناس دون الإمام والأحوط له أن ينوي الافتتاح عند كل تكبيرة حتى أنهم إذا كبروا قبل تكبير الإمام ظناً منهم أن الإمام قد كبر ولم يكن كبر بعد يصير شارعاً في صلاة الإمام بالتكبيرة الثانية، وإن كان شارعاً في التكبيرة الأولى فنية الافتتاح لا تضره لأنه نوى الشروع في الصلاة التي هو فيها.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» أيضاً: وإذا افتتح الرجل صلاة العيد مع الإمام ثم نام حين افتتح ثم استيقظ وقد فرغ من الصلاة وكبر تكبير ابن عباس رضي الله عنهما، وهذا الرجل يرى تكبير ابن مسعود رضي الله عنه، فقام ليقضي صلاته فإنه يكبر تكبير ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأنه مدرك أول الصلاة فيجعل في الحكم كأنه خلف الإمام